3666 144 055
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
يسود الأسواق موجة من الترقب والحذر منذ الربع الأخير من العام الماضي. موجة صعود تبعتها موجة من الهبوط القوي ألقت بظلالها على المتداولين ففقد الكثير منهم الثقة وهذا لم يكن مستغربا فهو ما يحدث عادة في ظروف مشابهة.
في العادة يدخل الكثير من المستثمرين إلى الأسواق بعد ارتفاعها ويخرجون منها بعد الانخفاضات، أو على أحسن تقدير يبقون في انتظار تعويض خسائرهم. تحدثت كثيرا عن الأسباب التي تؤدي بالمستثمرين إلى تلك الحالة من عدم وجود أهداف واضحة إلى توقع أرباح فورية والمخاطرة بأموال كبيرة. لكنني أود التوسع في موضوع وجود فرص استثمارية مهمة بناء للوضع الاقتصادي الحالي والنظرة المستقبلية في السنوات القادمة.
في البداية نعيد التأكيد أن ما نعنيه بالاستثمار هو ذلك الطويل الأجل الممتد على فترة سنوات وليس المضاربة الفورية التي تبغي الثروة السريعة المستحيلة.
اذا أخذنا الاقتصاد من المنظور النفطي وتأثير حركة أسعار النفط على الاقتصاد وبالتالي على الأسواق المالية، فإن الانخفاضات التي مرت بها أسعار النفط كانت سببا رئيسيا لهبوط مؤشرات الأسواق نظرا لطبيعة اقتصادات المنطقة وطريقة معظم المتداولين. أسعار النفط لن تعود إلى سابق عهدها بين يوم وليلة، بل هي قد تشهد مزيدا من الانخفاضات. لكن المهم هو الذي نتوقعه بعد انتهاء هذه المرحلة. أسعار النفط لن تبقى في مستويات متدنية إلى الأبد، ولن يستمر الطلب على النفط في التراجع إلى ما لا نهاية. في مرحلة قريبة ستستقر أسعار النفط وسيعود الطلب عليه إلى الارتفاع وسيعود ليشكل عاملا إيجابيا على الشركات والأسواق المالية. لذلك على كل شخص مهتم بالاستثمار أن يحدد ما اذا كان سيستثمر قبل ارتفاع الأسعار أو بعد أن تطير الطيور بأرزاقها.
من ناحية الاقتصاد العالمي فالوضع سيء جدا وأتوقع مزيدا من التدهور خلال العام الحالي. لكن المهم أن الاقتصاد في النهاية سيعود للنمو كما حدث دائما على مر العصور. الدورات الاقتصادية من النمو ثم بطء النمو وبعد ذلك الانكماش قبل العودة مجددا إلى النمو، كل ذلك ليس شيئا جديدا أو طارئا. في كل الأزمنة حدث ذلك. والثابت أيضا أن النمو في كل مرحلة جديدة يفوق مراحل النمو السابقة لسبب بسيط جدا وهو أن عدد سكان العالم يرتفع باستمرار وبالتالي فإن الاستهلاك والابتكار سيزيد بلا شك.
أيضا في التاريخ، جل من حقق عوائد استثمارية كبيرة كان قد استثمر أمواله في الأزمات أو في الأوقات الصعبة حيث لم يجرؤ غيره. يمكن لأي منا أن يستعرض السيرة الاستثمارية لأغنياء مشهورين وسيلاحظ أن جزءا مهما من ثروتهم تم تحقيقيها بسبب استثمار أو أكثر قاموا به في وضع اقتصادي صعب سواء للشركة المستثمر بها أو اقتصاديا بشكل عام.
على مستوى الشركات، الكثير منها تراجعت أرباحها وخفضت توقعاتها للعام الحالي. لا شك أن هذا يعني عائدا أقل للمستثمر السابق، ولكننا نناقش هنا الفرص الاستثمارية الجديدة. المستثمر السابق اذا كان ذو أهداف طويلة الأجل فإنه لن يعاني و سيبحث عن الفرص بدوره. بالعودة إلى أداء الشركات، اذا كنا نعتقد أن الأساس الاستراتيجي والتجاري لشركة ما قوي ومستقر، فأن السؤال المطروح هو هل نستثمر بها قبل أن تحقق ارتفاعا في الأرباح أم بعد ذلك؟ بالتأكيد قبل ذلك وهذا يعني الاستثمار خلال الأوضاع الصعبة.
العام الحالي يجمع كل الصعوبات المذكورة أعلاه وأكثر. وهذا ما يجب أن يدفع المستثمر الحقيقي للبحث عن الفرص واغتنامها قبل فوات الأوان. والبحث عن الفرص لا يعني الاستثمار بدون دراسة ورمي الأموال عبثا، فوجود الفرص لا يلغي وجوب القيام بالدراسات اللازمة بأي حال.
أخيرا أقول، من لا يستغل الفرص الاستثمارية التي ستتوفر ويقرر بدلا من ذلك أن يدخل الى الأسواق بعد حصول الارتفاعات، فليحضر نفسه لموجة الهبوط التي ستلي الارتفاعات.
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734