3666 144 055
[email protected]
لا تخلو صفحات أي مجلة أو صحيفة سواء كانت ورقية أو الكترونية إلا تجد مقال أو تقرير أو دعوة لحضور ملتقى أو قصة نجاح تتحدث عن ريادة الأعمال أو أحد رواد الأعمال، حتى أصبح هذا الأمر ملفتاً، لدرجة أن بعض الجهات الحكومية “التمويلية” أصبحت تمارس أسلوب الإقناع بما تقوم به من أداء وتحقيق النجاح باجراء بعض اللقاءات مع المستفيدين من تمويلها لتقدمهم على أنهم رواد الأعمال!
في الحقيقة، أن كل من يقدم منجز اقتصادي أو اجتماعي أو غيره ليس بالضرورة أن يكون من رواد الأعمال، أو النشاط الذي يقوم به من الأنشطة التي تتصف بريادة الأعمال كما هو شائع. ولو افترضنا بصحة إطلاق ريادة الأعمال على كل عمل يتحقق من خلاله نجاح، فإننا سوف نعتبر أي عمل سواء كان تقليدي أو إبداعي يتحقق من خلاله الهدف النهائي بأنه من ريادة الأعمال! وهذا من الخطأ الشائع ما جعل البعض يمزج ما بين ريادة الأعمال و غيرها من الممارسات و الأنشطة التي لا ترتقي إلى الوصف بريادة الأعمال.
من وجهة نظري، فإن رائد الأعمال هو شخص يتمتع بصفات وخواص ذهنية وفنية وعملية وإدارية ومالية وقيادية، كما أن لديه قدرات عالية في الإبداع والابتكار والتطوير المستمر، وهذه الخواص والصفات لا توجد مجتمعه بمجملها إلا في القليل ممن صنعوا النجاح في حياتهم. كما أن رائد الأعمال شخص يتمتع بقدرة عالية على صناعة النجاح في أي نشاط أو عمل قد يرتبط به سواء توافرت فرص النجاح أو كانت غائبة. و هذا ما يؤكد بأنه شخص يتصف بالنجاح و الطموح و القدرة على خوض المخاطر في نفس الوقت. إضافة الى تعريف مصطلح “ريادة الاعمال” والصادر من الإتحاد الأوروبي، حيث عُرّفت بأنها “الأفكار والطرق التي تمكن من خلق و تطوير نشاط ما عن طريق مزج المخاطرة والإبتكار أو الإبداع والفاعلية في التسيير، وذلك ضمن مؤسسة جديدة أو قائمة”.
وبالرغم من ظهور كثير من المؤسسات والجمعيات التي تعنى بريادة الأعمال، إلا أن الإطار العملي الذي يحدد المعايير العملية للمشاريع الريادية ورواد الأعمال تظل قاصرة، مما يجعل البعض لا يُميز بين الأنشطة و الممارسات التي تصنف كريادة أعمال وغيرها من الأنشطة والممارسات التقليدية. و من الأخطاء الشائعة هو الخلط ما بين “الشخص الريادي” و”المشروع الريادي”. حيث هناك أشخاص ليسوا بالضرورة أن يكونوا أصحاب مشاريع ريادية ولكنهم يتمتعون بصفات الرياديين والعكس من ذلك، فنهاك مشاريع ريادية ليست بالضرورة أن من يقودها يتمتع بصفات الرياديين. و هذا يؤكد ما سبق ذكره من غياب الإطار و المعايير التي تحدد المشاريع الريادية من جانب، و رائد الأعمال من جانب أخر.
ومما يجب التأكيد عليه بأن ريادة الأعمال أصبحت من أهم محددات النمو الاقتصادي في مختلف دول العالم. و عليه فإن تشجيع ريادة الأعمال من خلال المشروعات الصغيرة و المتوسطة يعد من أهم إستراتيجيات التنمية في الدول النامية والمتقدمة. كما أن نمو المشاريع الريادية سوف تساعد على تخفيض نسبة البطالة وإتاحة الفرص الوظيفية الهامة المرتبطة بالكفاءة والمنافسة و خلق فرص العمل، وابتكار المنتجات. لذا يمكن اعتبرها أحد وسائل مكافحة البطالة، إلا أن التحديات والمعوقات التي تواجه رائد الأعمال للأسف لازالت أكبر من الطموح الذي يصبو إليه، مما يستدعي الأمر وجود هيئة متخصصة تساعد على إزالة هذه المعوقات والتحديات، وهذا ما يُنادى به.
نايف
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734