3666 144 055
[email protected]
المصارف المتوافقة مع الشريعة التي تسمى المصارف الإسلامية، نشأت خلال خمسة عقود ولكنها اليوم تنمو بصورة كبيرة مقارنة بنظيراتها التقليدية، خصوصا بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، التي أكسبت قطاع التمويل الإسلامي وهجا كبيرا أسهم في الاهتمام به عالميا، والانفتاح عليه في كثير من الدول، باعتبار أنه خيار يمكن أن يقدم مزيدا من الحلول المالية ويجذب أيضا استثمارات كبيرة لتلك الأسواق، ومن هنا بدأت المؤسسات المالية الإسلامية تتوسع بصورة كبيرة حول العالم، بل بدأت بعض المصارف التقليدية تقدم الحلول الإسلامية كخيار لشريحة من عملائها في دول العالم.
هذا التوسع الكبير والمنافسة بين المصارف المتوافقة مع الشريعة والمصارف التقليدية التي أصبحت تنافس في تقديم المنتجات المتوافقة مع الشريعة، هذه المنافسة قد تؤثر في استمرار قدرة بعض المصارف الإسلامية المتوافقة مع الشريعة في استمرار وتيرة النمو، وإن هذا الأمر قد يكون واردا في كل صور الاستثمارات، إلا أنه في حالة المصارف المتوافقة مع الشريعة أو الإسلامية. هذه ينبغي أن يكون لديها خيارات يمكن من خلالها أن تعزز فرص استمرار وتيرة الأرباح، خصوصا أن التمويل الإسلامي لا يزال في ريعانه، والفرص لديه كبيرة لابتكار منتجات جديدة تزيد من فرص نمو الأرباح في المستقبل.
الذي يتابع حركة المصارف الإسلامية يجد بوضوح أنها تركز على قطاع الأفراد، أو ما يسمى قطاع التجزئة، وذلك من خلال أدوات مثل التمويل الشخصي، أو من خلال التمويل العقاري، أو من خلال البطاقات الائتمانية أو توفير بعض السلع المحددة للأفراد، ورغم أهمية هذا القطاع وسهولة إدارته وحجم الربحية التي يمكن أن تتحقق من خلاله، خصوصا بعد التحسن الكبير للاقتصاد في المملكة، وتعزيز كفاءة هذه المنتجات من خلال الأنظمة والتشريعات الجديدة، وتحديث أنظمة بعض المنتجات كما حصل في نظام الرهن العقاري، والأنظمة الخاصة بالتمويل الشخصي وتحديث أنظمة البطاقات الائتمانية، لكن يعيب هذا القطاع أنه محدود جدا، وفي ظل وجود منافسة محمومة بين المؤسسات المالية التي تقدم التمويل المتوافق مع الشريعة سنجد أنه مستقبلا قد لا يمكن أن يتحقق من خلاله نمو في الأرباح لدى المصارف المتوافقة مع الشريعة، إضافة إلى أن مثل هذا القطاع يعتمد بصورة مباشرة على النشاط الاقتصادي المحلي ويمكن أن يتأثر في حال انخفض الإنفاق داخليا، ووجود منافسة عالية فيه بين المصارف، إذ سيؤثر ذلك في هذا القطاع بصورة واضحة، مما يجعل الضغط على أرباح هذه المصارف أمر متحققا ــ والله أعلم. ومن هنا تأتي أهمية أن تعتني المؤسسات المالية المتوافقة مع الشريعة عموما، خصوصا قطاع المصارف بأن يكون لديها توسع أكبر في منتجات قطاع الشركات، والأهم منتجات الخزانة أو نشاط الخزانة، وهذا يتم من خلال العمل على تطوير منتجات التحوط، ومنتجات أخرى مثل منتج تبادل الأرباح، أو من خلال الاستثمار في الأسواق العالمية، خصوصا في الأدوات المالية منخفضة المخاطر، والسلع والأسهم والمعادن والعملات والصكوك الإسلامية، واليوم أصبحت بعض المؤسسات المالية تحرص على أن توفر من هذه الأنواع نماذج وأدوات متوافقة مع الشريعة، بل توجد مؤشرات للأسهم المتوافقة مع الشريعة في أسواق عالمية، وبالعمل على تطوير منتجات للتحوط متوافقة مع الشريعة يمكن لهذه المؤسسات والمصارف أن تستثمر في هذه الأدوات والتحوط عليها للحد من المخاطر.
تتميز أدوات الخزانة بأنها يمكن أن توجد بدائل للمؤسسات المحلية في حال انخفاض الطلب في السوق محليا في مثل قطاع الأفراد والشركات، كما أن الاستثمار والتعامل مع المؤسسات المالية العالمية يمكن أن يزيد من كفاءة أداء المؤسسات المالية المتوافقة مع الشريعة، ولكن يبقى هناك تحد كبير يواجه المؤسسات المالية الإسلامية، خصوصا التي تلتزم معايير أكثر تحفظا وقيودا في تعاملها مع المؤسسات الأجنبية أو الأخرى عموما، حتى التي توصف بأنها تقدم معاملات متوافقة مع الشريعة، إلا أنه نظرا لتباين معايير المؤسسات المالية الإسلامية في تحديد المنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة، جعل بعض المؤسسات المالية الإسلامية الأكثر تحفظا تمتنع عن قبول بعض أو معظم ما تقدمه المصارف الأخرى التي تقدم نوافذ إسلامية أو حتى المصارف المتوافقة مع الشريعة الأخرى.
فالخلاصة أن المصارف المتوافقة مع الشريعة أو الإسلامية لا بد أن تعتني في هذه المرحلة بالاهتمام بالحلول المتوافقة مع الشريعة، خصوصا فيما يتعلق بمنتجات قطاع الشركات والخزانة، إذ إن الاعتماد على قطاع الأفراد قد يحمل مخاطر لها في استمرار وتيرة نموها، إذ إن هذا القطاع قد يواجه تحديات بسبب تأثر بحجم الإنفاق الحكومي، إضافة إلى وجود منافسة كبيرة بين المصارف حاليا في المنتجات الخاصة بالأفراد.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734