الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اقتصادية سعودية
Ameerah_eco@yahoo.com
في أجواء يسودها حالة من عدم اليقين و بابتسامة عريضة لا تعكس الوضع الحرج للاقتصاد دخل رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس الأسبوع الماضي في مفاوضات هامة مع الدائنين الدوليين بهدف التوصل إلى تسوية بشأن تمكين اليونان من الحصول على تمويل اضافي لسداد مستحقات الدائنين. وتظهر أهمية المفاوضات الحالية في النتيجة المترتبة عليها ، ففشل المفاوضات وعدم توصلها إلى حل يعني افلاس اليونان!
و لم تحقق المحادثات المكثفة خلال الأيام الماضية وحتى الآن أي تقدم بسبب تفاوت الآراء بين اليونان والأطراف الدائنة والذي يتعلق بجوانب رئيسة أولها، أن اليونان لا يروق لها قبول شروط اقتصادية مقيدة للحصول على المساعدات كخفض الأجور والمعاشات التقاعدية أو تدابير توسيع القاعدة الضريبية وهذا ما يجعل المفاوضات تبتعد عن الواقعية؛ويعود سبب الرفض إلى تعهد الحزب اليساري الراديكالي المنتخب حديثا أمام الشعب اليوناني بمقاومة السياسات التقشفية ؛ لذلك قوبلت اقتراحات الجهات الدائنة التي تفرض التزامات معينة على اليونان بالرفض التام من المفاوض اليوناني.
وفي الحقيقة أنه من الصعوبة أن تحصل أحد الاقتصاديات على تمويل لمواجهة مديونتها من المؤسسات الدولية دون أن تبدي الدولة المدينة موافقتها بتطبيق برنامج اقتصادي محدد يساعدها في استعادة عافيتها وتصحيح الاختلالات الهيكلية، وفي ظروف تاريخية مشابهة وتحديداً في فترة الثمانينيات الميلادية أدى رفض نيجيريا لتطبيق شروط صندوق النقد الدولي والتي تضمنت خفض قيمة العملة ورفع الدعم على المنتجات النفطية إلى عدم حصولها على التمويل.
ومن جهة أخرى وبالعودة إلى قصة نمو الدين اليوناني سنجد أن أحد الاسباب الهامة لتراكمه هو وجود خلل هيكلي في السياسية المالية يتمثل في طبيعة الإنفاق الحكومي الغير منضبط، فالمعاشات التقاعدية والأجور التي يتلقها اليونانيين تعد الأعلى مقارنة باقتصاديات منطقة اليورو فضلا عن السن القانوني للتقاعد الذي يتحدد عند 55 سنة ! وعلى الوتيرة نفسها عانت الإيرادات الحكومية من التهرب الضريبي وكنتيجة مترتبة على ذلك أصبح معدل النمو في النفقات الحكومية يتجاوز النمو في الايرادات ” الحصيلة الضريبية ” وساعد ظهور العجز بين الكفتين إلى لجوء الحكومة اليونانية إلى الإقتراض الخارجي.
الجانب الثاني ، يبدو أن تطلعات المستشارة الألمانية ميركل عندما تردد بأنها ” تريد أن تبقى أوروبا قوية” يحفز أطماع اليونانيين بكسب جولات التفاوضات دون تكبلهم التزامات مفروضة ، إلا أنه يتعين على اليونان أن تعير الإهتمام لإمكانية غضب الترويكا (المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) في أي مرحلة من مراحل التفاوض ،هذا الغضب الذي قد ينزلق بها فوراً إلى مصيدة الإفلاس.
ولكن ما ذا لو توصلت المفاوضات إلى تسوية من جانب الطرفين ؟ لاشك أن تحقق هذا السيناريو يجدد الأمل ويبدد المخاوف حول مستقبل اليونان إلا أن الوصول إلى التسوية هي مرحلة انتقالية فقط ؛ هناك الكثير من العمل الذي يلزم اليونانيين القيام به،هناك حاجة للإصلاح الاقتصادي الذي يحقق الاستقرار الكلي والنمو المستدام ؛ فتفاقم الدين في اليونان ليس ظرفا طارئا إنما نتيجة لفشل السياسات الاقتصادية.
سيكون اجتماع اليوم الخميس هاما حيث ستدخل المفاوضات المراحل النهائية ، وهناك عدد من السيناريوهات المحتملة إلا أن الاختلاف بينها هو درجة الألم ! ومن المهم لليونان و الإتحاد الأوربي و الاقتصاد العالمي أيضاً أن لا تتعرض هذه المفاوضات لخطر الإخفاق.
السملق
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال