3666 144 055
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
منذ طفرة أسواق الأسهم في المنطقة منتصف العقد الماضي وظاهرة المحللين الفضائيين في مجال المال والأعمال في تزايد مستمر. البداية طبعا دائما مع اطلاق برامج أو محطات متخصصة في تغطية الأسواق المالية والتطورات الاقتصادية والتي تعود بدورها إلى الطلب الكبير من المستثمرين والمتداولين للحصول على معلومات وتحليلات أوسع تساعدهم في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بشكل صحيح. شخصيا أتابع الكثير من البرامج ومعظم المحللين سواء مباشرة عند العرض أو بمشاهدة تسجيلات لهم. الوقت الذي أصرفه في المتابعة يعود إلى كوني أظهر إعلاميا في البرامج الاقتصادية فيهمني متابعة الاخرين للاستفادة منهم أو لتفادي أخطاءهم إن أمكن.
إذا أردت أن أعطي تقييما عاما لمستوى المحتوى الذي يقدم من قبل المحللين في البرامج الاقتصادية في المنطقة فإنني أقول أنه دون المستوى، وهنا لا أقصد تقييم الأشخاص بل النتيجة التي يحصل عليها المشاهد المهتم بشكل عام. بمعنى آخر، لا أعتقد أن المشاهد الذي يبحث عن الاستفادة من متابعة المحللين الفضائيين في منطقتنا سيحصل على الفائدة التي يبحث عنها دائما، ولذلك عدة أسباب منها ما يتعلق بالمحللين أنفسهم وغيرها سببه عوائق تقف أمام القائمين على البرامج.
بداية أعتقد أن مستوى القائمين على معظم البرامج الاقتصادية هو أكثر من جيد من خلال الاطلاع على سيرهم الذاتية أو عبر معرفة خبراتهم الطويلة اقتصاديا وتلفزيونيا. لا تنقصهم المعرفة ولا الكفاءة لإنتاج برامج جيدة ومفيدة إلا أن ما يقف أمامهم هو أولا نظرة إدارة المحطات إلى الأقسام الاقتصادية وبرامجها في كثير من الأحيان كأمور ثانوية خلف الترفيه والسياسة والرياضة، ثم عدم توفر المحللين المهنيين بما يكفي عدد البرامج والفقرات الاقتصادية، وهو ما يقودنا إلى ما يخص المحللين أنفسهم.
في رأيي أن النجاح في الظهور التلفزيوني للمحلل يعني امتلاكه ذروة المهارات اللازمة في مجاله تقنيا وإعلاميا وهذا ليس سهلا على الإطلاق. المهارات التي أعنيها تتضمن المعرفة الواسعة في مجاله بالإضافة إلى سعة الاطلاع والثقافة وسرعة البديهة والتمكن القوي من اللغة والمفردات وغيرها من المهارات. إلى جانب كل ذلك، لا بد للمحلل الناجح أن تكون له خبرة في أساليب التخاطب واستخدام التعابير الجسدية وهي أيضا تتطلب خبرات عالية وتدريب.
لا يكفي أن يقرأ أي شخص الأخبار اليومية ليظهر ويجيب على بعض الأسئلة، ولا يعني أن أي شخص يتداول في السوق وله تأثير على غيره يمكنه أن يكون مفيدا على الشاشات، بل على العكس من ذلك تماما. هناك العديد من أعلام الاقتصاد في الخبرة والممارسة إلا أنهم لا يملكون المهارات المطلوبة للظهور الإعلامي فلا يفعلون ذلك، كما أن هناك كتابا بارزين ومهمين جدا لكنهم لا يستطيعون التعامل مع التلفزيون بنفس إجادتهم للكتابة، وهذا شائع في المحطات العالمية حيث لا يقبل بعض الكتاب الظهور تلفزيونيا، بينما في منطقتنا لا يوجد شروط من الأساس. وهنا أيضا لي رأي، هو أن أي محلل تلفزيوني ناجح لا بد أن تتوفر لديه القدرة على الكتابة بشكل جيد، ويفاجئني أحيانا عند متابعة حسابات بعض المحللين الفضائيين في تويتر ضعف لغتهم في الكتابة بشكل مخجل. الضعف في الكتابة يعني ضعف في القراءة بكل تأكيد. من لا يقرأ كثيرا لا يمكنه الكتابة بشكل جيد، فكيف لمن لا يقرأ بشكل مكثف أن يظهر تلفزيونيا ويوصل أفكارا كثيرة للملايين في وقت ضيق؟
هناك تدريبات خاصة للظهور التلفزيوني تعلم الشخص كيفية التعامل مع الأسئلة بشكل فعال من أجل إيصال الأفكار اللازمة بشكل مفيد وعدم الانتهاء بكلام عام إنشائي، وهذا أيضا يعتمد على خبرة المقدمين والمذيعين بكل تأكيد. أجزم أن معظم من يظهر على التلفزيونات العربية في البرامج والفقرات الاقتصادية لم يحصل على هذا التدريب ولم يسمع بوجوده أصلا. وللأسف أصبح الكثير ينظر إلى الموضوع كوسيلة للوجاهة والعلاقات العامة، مع أنني أعتقد أن النظرة العامة للمحللين تسوء مع مرور الوقت فأصبح شائعا الإشارة إلى “المحللين الفضائيين” كفئة غير مفيدة بل وضارة أحيانا في الأسواق المالية.
هناك أيضا من يعتقد أن ما يذكر في التلفزيون موجه بشكل أو اخر، لكنني عن خبرة أنفي ذلك نفيا قاطعا. السبب في ما يقال على التلفزيونات سواء كان جيدا أو سيئا هو المحلل نفسه ولا أحد غيره. تحتاج القنوات التلفزيونية إلى غربلة شاملة في موضوع اختيار المحللين وهو ما يتطلب استثمارا في التدريب والتأهيل، وطالما كان العائد الإعلاني محدودا في المجال الاقتصادي، فلا أعتقد أنه سيجذب أي مستثمر وبالتالي فإننا لا نتوقع تغييرا الوضع الحالي حتى إشعار اخر.
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734