3666 144 055
[email protected]
[email protected]
أستاذ التمويل والتأمين الإسلامي المساعد
تواجه صناعة التمويل الإسلامي الكثير من التحديات، حيث نلحظ تباين رأي العلماء حول امتثال أي منتج مالي لأحكام الشريعة الإسلامية، ويعد ذلك من أكبر العقبات في العمل في مجال التمويل الإسلامي. وبالرغم من هذه الصعوبة، إلا أنها توفر فرصا كبيرة للمهندسين الماليين وخصوصا في مجال هندسة المنتجات الإسلامية. تعتبر الهندسة المالية إستنباط وسائل أو أدوات مالية جديدة لمقابلة إحتياجات المستثمرين. وتبرز أهمية الهندسة المالية الإسلامية كأداة مناسبة لإيجاد حلول مبتكرة وأدوات مالية جديدة تجمع بين أحكام الشريعة الإسلامية واعتبارات الكفاءة الإقتصادية. لا توجد هندسة مالية من غير إبتكار مالي، فلا بد من الموازنة بين التطوير المنتظم والتطبيق العملي للأفكار المالية الجديدة. إن المؤسسات المالية الإسلامية مطالبة برفع تحدي التنمية المستدامة ولكونها تعمل في ظل إقتصاد عالمي معرض للأزمات بشكل دوري، تعد الهندسة المالية الإسلامية الوسيلة المثلى لمواجهة هذه التحديات من خلال تحقيقها لمقومات التنمية المستدامة وخاصة تلك التي تمس الجانب الإقتصادي والمالي.
فمن أين نبدأ؟ لعلني أتطرق هنا لثلاث خطوات هامه:
الخطوة الأولى: تصميم عقد متوافق مع الشريعة الإسلامية بالقضاء على مسألة الغرر وتوحيد المعايير المستخدمة في العقود والقضاء على مخاطر التخلف عن السداد من قبل الطرف المقابل. لا نغفل عن أن هناك محاولات عديدة لتوحيد الإطار العالمي لوضع الشروط الأساسية للتحوط ولكنها مازالت لم تصل إلى الوضع المرجو. ومن الممكن الوصول لذلك باستخدام العقود الآجلة القياسية التي تقضي على أي شك تعاقدي، كما ستقضي أيضا على أي مخاطر من الطرف المقابل.
أما الخطوة الثانية: تجنب سوق التجزئة أي عمليات مالية أساسها التخمين والبيوع ذات الأجل القصير. فلو أن التبادل المستقبلي قادر على أن يخلق سوق خاص فقط بمشاركات المؤسسات المالية الإسلامية، حتما سيتم استبعاد العمليات القائمة على التخمين والبيع القصير. الركيزة الأساسية لهذا التأكيد يعتمد إعتماد قوي على إيمان المؤسسات الإسلامية وعملائها بجودة المنتجات المالية الإسلامية. حيث أن المؤسسات المالية الإسلامية تراقب عملائها بشكل أكثر دقة من التقليدية وذلك بسبب ممارسات الإقراض المتخصصة، لذلك لديهم القدرة على اختيار العملاء لعقود مستقبلية. من خلال هذا النظام الدقيق فإن العقود المستقبلية ستكون حتما للعملاء الذين لديهم أصول أساسية للتحوط. ومثال ذلك عميل لديه عقد مرابحة مع بنك إسلامي، وخلاف ذلك عميل لنفس البنك ليس لديه أي أنشطة تجارية ذات صلة مع سوق الحديد على سبيل المثال، فمشاركته المستقبلية في سوق الحديد سوف تكون مبنية على الإفتراض والتخمين. فتفادي البنوك الإسلامية مشاركة هذا النوع من العملاء حتما ستحقق المصلحة. قد يتبادر للذهن أن هذه الخطوة سوف تسبب نقص السيولة في السوق، ولكن من المعروف أن السوق غير السائلة مع إمكانية وجود السيولة في المستقبل أفضل من عدم وجود سوق من الأساس.
والخطوة الثالثة: تحديد طريقة تسوية العقد كالتسوية المادية، وهذه الخطوة الأخيرة ستساعد في القضاء على العديد من الخصائص القابلة للنقاش للعقود المستقبلية، ولكنها ستثير تساؤلات عديدة بين المختصيين في سوق المال ما إذا كانت هذه العقود هي عقود مالية حقا!
ختاما، إن ضرورة إيجاد منهج إسلامي لإدارة المخاطر تبدو جلية، ولكن ما زال التحوط وإدارة المخاطر بحاجة إلى تأصيل في نظرية التمويل الإسلامي.
ومن أين نبدأ!
الصالح
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734