3666 144 055
[email protected]
أكاديمي متخصص في المحاسبة والمراجعة
تاريخياً، تشهد الاشهر الأخيرة في نهاية كل سنة مالية معدلات إنفاق ضخمه عند الجهات الحكومية في محاولة منها لصرف كل ما يمكن صرفه من بواقي اعتماداتها المالية. لكن هذا العام قامت وزارة المالية (بمباغتة) الجهات الحكومية بتعليمات مالية صدرت اخيراً قضت بوضع سقف منخفض جداً للصرف لا يسمح بتجاوزه خلال الربع الأخير من السنة المالية وذلك بقصد الحد من الصرف المبالغ فيه والاكتفاء بتغطية النفقات الضرورية فقط. ومن المتوقع ان ينعكس أثر هذا القرار في تقليل العجز المتوقع نهاية العام. وبلا شك ان هذا الاجراء هو مقدمة لمجموعة إجراءات ترشيدية قادمة تؤذن بانطلاق مرحلة جديدة من (شد الاحزمة) ومراجعة جادة شاملة لفاتورة المصروفات الحكومية المتضخمة.
ان ترافق انخفاض أسعار النفط مع دخول المملكة في حروب دفاعية إقليمية وفي ظل غياب مصادر دخل بديلة يعتد بها تشكل ضغطاً هائلاً على الخزينة العامة تجعل من سياسة التقشف خياراً لا مناص منه.
من الناحية النظرية، باستطاعة الحكومة ان تجعل عجز ميزانيتها القادمة (صفراً) في حال قلصت من حجم الانفاق الى الحد الذي يوازي إيراداتها المتوقعة، وبالتالي الحفاظ على احتياطاتها النقدية واستثماراتها السيادية. لكن هذه السياسة الحادة جداً سيكون لها انعكاس مؤذي على التنمية ومشروعات البنية التحتية والانتعاش الاقتصادي. لذلك تبدو فكرة القبول بعجز ضمن حدود معينة في الموازنة ليس سيئاً للغاية.
ان الظروف المالية الحالية التي تمر بها المملكة فرصة ذهبية للإفاقة من (ادمان النفط)، والدفع للاتجاه الجاد نحو تنويع مصادر الدخل والمسارعة في تخصيص المرافق العامة وتمحيص منفعة وتكلفة المشاريع الحكومية قبل الموافقة عليها.
ان رغبة الدولة في تسريع عجلة التنمية واستكمال البنية التحتية دفعها لضخ المليارات في ميزانيات قياسية خلال العقد الأخير، ساعدها في ذلك الوفورات النقدية الضخمة من بيع النفط، وهو الامر الذي عجزت الإدارة البيروقراطية في ادارته بشكل جيد، كما عجز القطاع الخاص من مقاولين وموردين عن استيعابه، مما نتج عنه تعثر كثير من المشاريع الحكومية الطموحة او تنفيذها بشكل سيء في أحوال أخرى. وبالتالي لم تنعكس بشكل واضح على رفاهية المواطن او تخلق فرص عمل توازي هذا الانفاق الضخم، بل شاهدنا المليارات من الريالات تتسرب الى الخارج في تحويلات مالية لم يستفد منها المواطنين او الإقتصاد.
الزومان
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734