3666 144 055
[email protected]
ahmadaziz.com
ahmadibnaziz@
القياسات المترية لمساحات الأماكن والأشياء ليس ترفًا رياضيًا. فصاحب المنزل الجديد يحتاج إلى معرفة قياسات الغُرف بدقة حتى يستطيع معرفة حجم الأثاث المناسب لها.وكذا من يمتهن الخياطة ليُتقن تفصيل ما تصنعه يديه. فهذه القياسات ضرورية ليستطيع أي شخص أن يحسب خطواته القادمة بدقة ويحصل على نتائج وفق المأمول. والإحصاء يحل محل القياسات المترية لإيجاد تصّور دقيق حول حجم المادة غير القابلة للقياس. فالدول تُقيم ميزانياتها وخططها التنموية وتبني حاجاتها على نتيجة الإحصائيات للسكان وأعمارهم وفئاتهم. فهذا الرقم له قيمة مادية ضخمة وعليه ستبني مُستقبل الدولة.
ولأهمية الإحصاء خصصت الدولة مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات التي حولتها مؤخرًا إلى هيئة مستقلة تحت مسمى الهيئة العامة للإحصاء إيمانًا بأن الخُطط التنموية السليمة تُبنى على أرقام دقيقة أيضا.
الإشكال يكمن عندما نعلم أنه عند مقارنة قطاع واحد فقط (كمثال) نجد أن الفرق بين إحصائية مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات وإحصائية وزارة التعليم لطلبة المرحلة الإبتدائية تحديدًا يصل إلى مليون طالب وطالبة.
هذا يعني أن هناك مليون اسم مفقود بين هاتين الإحصائيتين!
فالتقرير الرسمي الصادر من مصلحة الإحصاءات بيّن أنه في عام ٢٠١٤م كان عدد طلاب المرحلة الإبتدائية الذكور مليون وتسع مئة ألف طالب وتحديدًا (١٩٠٤٧٩٢) ومليون وسبع مئة وسبعين ألف طالبة وتحديدًا (١٧٧٦٣٧٤) ليصبح مجموعهم ثلاثة ملايين و ستة مئة وثمانون ألف طالب وطالبة وتحديدًا (٣٦٨١١٦٦) بينما في إحصائية وزارة التعليم لعام ١٤٣٤-١٤٣٥هـ بيّن أن عدد الطلبة مليون وثلاث مئة وعشرون ألف طالب وتحديدًا (١٣٢٨٤١٨) وقرابة مليون وثلاث مئة ألف طالبة وبالتحديد (١٢٩٥٢٤٧).
بهذه الاحصائيات يصبح مجموعهم مليونين وست مئة وثلاث وعشرون ألف طالب وطالبة (٢٦٢٣٦٦٥). ليكون الفرق بين الإحصائيتين بشكل دقيق (١٠٥٧٥٠١) ليتجاوز الفرق بين الإحصائيتين مليون طالب وطالبة! مفقودين فعليا من هذه السجلات.
حاولت مرارا الرجوع والتدقيق بين الإحصائيتين الصادرتين بشكل رسمي من جهات حكومية لعلي أكون مخطئا وأجد مبررًا لمثل هذا الاختلاف الكبير ولكنني لم أستطع فهذا الاختلاف الكبير وجدته أيضا بينهما في بيانات السنوات السابقة ووجدته أيضا في عدد طلبة المرحلتين المتوسطة والثانوية.
والقضية هنا ليست اختلاف أرقام في إحصائيات فقط، القضية أكبر بكثير من هذا فعلى ماذا نبني حاجتنا من المدارس الحكومية في خطتنا التنموية القادمة؟ وحاجتنا من المعلمين والاداريين وغيرهم فالعدد المفقود بفرض أن المدرسة الواحدة تستوعب ٥٠٠ طالب فهذا يعني أننا نحتاج إلى ٢٠٠٠ مدرسة والأمر لا يتوقف فقط عند ذلك فيتعداه إلى القطاع الخاص فصاحب القرطاسية وملابس الأطفال وحتى الملاهي والقطاع الصحي كلها ستتأثر بدقة البيانات من عدمها فاحتياجات المليون طالب اليومية ليست شيء عابر وسهل بل تحتاج إلى ضخ استثمارات من القطاع الخاص لتواكب احتياجاتهم.
وكل هذا التأثير فقط من العدد المفقود في المرحلة الإبتدائية ولو توسعنا لنشمل فيه الفارق في المرحلة المتوسطة والثانوية أخشى أن يكون الفارق بين الإحصائيتين يتجاوز سكان دولة من دول الخليج.
النظام الصادر عند إنشاء مصلحة الإحصاء نصّ في مادته الثانية أن المصلحة تعتبر المرجع الإحصائي الرسمي والوحيد في المملكة وفي مادته الرابعة نصّ على أن الجهات الحكومية عليها تزويد المصلحة بكافة البيانات. فطبقاً للنظام يجب أن تكون الأرقام متطابقة. فعدم التطابق في البيانات هو الذي أفقدنا مليون طالب هنا. وهذا الخطأ قد يتكرر بشكلٍ أو بآخر في بقية القطاعات الحكومية، مما سيجعل مصداقية هذه التقارير على المحكّ.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734