بادرت شركات الألبان بالإعلان عن خسائر متوقعة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود ومنع زراعة الأعلاف. هذه الإعلانات قد لا تهم كثيرين لكنها تبعث على عدم الارتياح لأن المتابع لتحركات هذه الشركات يعلم أن هذه مقدمة لمعركة جديدة سيضطر المواطن لخوضها مع هذه الشركات، معركة تبدأ برفع الأسعار أو تقليص العبوات.
تمتعت هذه الشركات بربحية عالية في السابق، لدرجة أنها كانت تفتعل حروب الأسعار في محاولة نجحت في إخراج عدد من صغار المستثمرين من السوق وإبقائه حكرا على الكبار جدا فقط. جاء كل هذا وأجهزة الرقابة الحكومية تتفرج وتغض النظر وكأن الأمر لا يعنيها.
بلغ الوضع مداه عندما أصبحت مجموعة الشركات الناجية تحدد أسعارها وتحاول أن تنال الحصة الأكبر من السوق في حرب داخلية تضرر منها المواطن وبقيت الشركات تتصارع على من يحقق الأرباح الأعلى، ومن يستطيع توجيه السوق بطريقته الخاصة.
هذه المرة مختلفة، فنحن نشاهد ما يحدث ويبدو أن الشركات ستتحد هذه المرة في مسعى للمحافظة على أكبر قدر من الأرباح كهدف مشترك للجميع. لم تعد الحرب السعرية بهدف إخراج المنافس وإنما للوقوف صفا واحدا أمام الزبون وتمثيل دور الضحية ليرأف بهم المستهلك ويتخوف من مقاومة التغيير القادم في الأسعار لأن المنطق يقول ذلك.
استرجعت تاريخ هذا التنافس المتغير بناء على المعطيات وأنا أشاهد تصريحا يتحدث فيه أحد المسيطرين في السوق ويترحم على ضحايا المنافسة الشرسة من صغار الشركات ليقنع القارئ بأن رفع الأسعار والأرباح ليسا الهدف وإنما محاولة التفاعل مع مستجدات السوق.
قد يكون الوضع صعبا في القادم من الأيام لهذه الشركات، لكن ذلك مرده أنها لم تتعود أن تكون مدارة من قبل الخارج، فأسعار المستهلكات والتغييرات في الاقتصاد لم تكن مؤثرات حقيقية في الماضي. يعني هذا أن تتغير أساليب العمل وطرق التفاعل، بما يحقق مزيدا من المرونة الإدارية والاستخدام الأمثل للتقنية لتفادي انخفاض الأرباح.
يمكن أن تنخفض الأرباح على المدى القصير بسبب تأخر التفاعل مع المستجدات، وقد يكون الربيع السعري والربحي على مشارف النهاية، لكن هذا لا يعني أن هذه الشركات ستتحول إلى اللون الأحمر أبدا. كل هذ مرده إلى الدعم الذي تحصل عليه الشركات وانخفاض التزاماتها في مجالات عديدة سواء البيئية أو البشرية أو الضريبية.
نقلا عن الاقتصادية