3666 144 055
[email protected]
إعلان الحكومة السعودية عزمها على إنشاء صندوق سيادي تحت إدارة صندوق الاستثمارات العامة، حيث يصل إجمالي أصوله إلى تريليوني دولار في عام 2020، عاد ليؤكد عزم السعودية على تحويل اقتصادها وإعادة تشكيل خريطته بشكل كامل. فالإعلان بمثابة خريطة طريق نحو الهدف المنشود للصندوق، وهو تنويع مصادر إيرادات الحكومة السعودية واقتصادها، بعيدا عن مصدر دخلها الوحيد، الذي بات اعتمادنا عليه مفرطا، النفط. ولذلك لم تتوقف خريطة الطريق عند الصندوق السيادي الذي سيعمل كذراع استثمارية، إنما شمل أيضا إيجاد مصادر إيرادات جديدة مثل ضريبة القيمة المضافة وبرنامج الإقامة الدائمة التي ستدعم السياحة الدينية بشكل أساسي. وتظهر جدية مساعي الحكومة السعودية بإعادة تشكيل الاقتصاد عبر خريطة الطريق بشكل واضح في عزمها على الإسراع نحو طرح جزء من حصتها في شركة أرامكو في طرح أولي في غضون أقل من عامين، فهذا الطرح إلى جانب عائدات الحصة الباقية المملوكة للحكومة أو صندوق الاستثمارات العامة سيشكلان القاعدة الأساسية التي ستنمو منها بقية الاستثمارات القادمة.
أهمية خريطة الطريق هذه أنها تعيد تشكيل مصادر إيرادات الحكومة السعودية بما يتوافق مع الواقع والرؤية المستقبلية، إضافة إلى صعوبة تعظيم العائد على الاستثمار لدى شركة أرامكو. ففضلا عن أسعار النفط المنخفضة، فإن إعادة استثمار الإيرادات النفطية لتوسيع الطاقة الإنتاجية لن يكون ذا جدوى كبيرة. فلا يمكن تحدي القوانين الجيولوجية بجعل أحواض النفط تفيض بأكثر مما تسمح به، وحتى لو توصلنا إلى تقنيات جديدة مكلفة، فإن سوق الطلب العالمي لن يقدر أي زيادة إلا بمزيد من التخفيضات في الأسعار. ولذلك على “أرامكو” التوسع في مجالات التكرير والتسويق خارج المملكة ليس بهدف تعظيم الأرباح، إنما لضمان والحفاظ على حصتها السوقية عند مستوردي النفط.
احتفاظ الدولة بالثروات النفطية خارج إطار خريطة الطريق المطروحة، حيث إنها غير مشمولة فيما سيتم طرحه من شركة أرامكو، هو الضمانة الأهم لنجاح الخطة، فهذه الأصول هي التي ستقوي موقف الاقتصاد السعودي إلى جانب الاحتياطيات النقدية الحالية حتى تنتهي المرحلة الانتقالية لتحويل الاقتصاد. هذه المرحلة يجب أن تشمل كافة جوانب الاقتصاد والمجتمع، حيث يعمل الصندوق السيادي على توفير الحلول لهذه المشكلات أيضا. فاستثمارات الصندوق الخارجية التي ستصل إلى 50 في المائة من إجمالي أصول الصندوق يمكنها أن تلعب دورا إضافيا إلى جانب توفير مصدر دخل غير نفطي هو الإسهام في توليد الوظائف، ولذلك يمكن أن يستثمر الصندوق في أحد المجالات التي قد تكون متواضعة في عائدها الاستثماري، لكن يمكن أن تعمل على توظيف مزيد من الشباب السعودي، وبذلك يتم تحقيق العائد الاستثماري في صورة اجتماعية. مثل هذه الفرصة لاحت في 2009 كإحدى تبعات الأزمة المالية العالمية، عند إفلاس صناعة السيارات الأمريكية. كان من الممكن وقتها شراء تلك الشركات لمجرد نقل الصناعة وتوفير الوظائف.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734