الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تسعى الدولة الى مكافحة البطالة بخلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي، وقد أطلقت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عدة برامج وطنية تهدف لدعم السعودة وتوطين الوظائف في القطاع الخاص منها على سبيل المثال لا الحصر: برنامج “نطاقات 1″، وبرنامج “نطاقات 2″، وبرنامج “نطاقات الموزون” الذي انطلق هذا العام، بالإضافة إلى برامج صندوق تنمية الموارد البشرية “هدف” المختلفة،ومراكز التوظيف “طاقات”، وبرنامج توطين العمل في بيع وصيانة الجوالات وملحقاتها خاصةً أن معدل البطالة بلغ 11,6% (33% اناث، 5,4% ذكور). وقد بلغ عدد المتعطلون السعوديين اجمالاً 657,936 وفقاً لما نشرته الهيئة العامة للإحصاء. كما أن برنامج التحول الوطني وهو برنامج تنفيذي للمساهمة في تحقيق “رؤية المملكة العربية السعودية 2030″، وإدراك التحديات التي تواجه بعض الجهات الحكومية لتحقيقها يهدف الى خلق 1200 فرصة عمل جديدة ولائقة للسعوديين في القطاع الخاص بحلول 2020م، كما يهدف الى تخفيض نسبة بطالة السعوديين من 11,6% الى 9%، ورفع نسبة اقبال السعوديين على العمل في القطاع الخاص بنسبة 50%. ولا شك أن ذلك يشكل ضغطاً اضافياً على القطاع الخاص، وتحدياً صعباً على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية خاصةَ أن الحكومة أعلنت مؤخراًعن إجراءات تقشف تمثلت بخفض رواتب وبدلات وعلاوات ومكافآت الوزراء وأعضاء مجلس الشورى، وبعض موظفي القطاع الحكومي من مدنيين وعسكرين حيث تهدف وزارة المالية الى تخفيض قيمة الرواتب والأجور من ميزانية الدولة من 480 مليار ريال سعودي الى 456 مليار ريال سعودي بحلول 2020م نظراً لأن بند الرواتب والأجور يستقطع 50% من نفقات الدولة. بالإضافة لانخفاض أسعار النفط بشكل كبير، والمصاريف المالية المتزايدة التي تدفعها الدولة لمحاربة المتمردين الحوثين وقوات علي صالح في اليمن منذ عامين تقريباً. كل العوامل السابقة دفعت الحكومة الى السعي لجذب المواطنين والمواطنات للعمل في القطاع الخاص مستقبلاً، وذلك لا شك أمر إيجابي يخلق نوعاً من التوازن بين قطاعات الدولة ويساهم في تبادل المعارف والخبرات حيث بلغ عدد الموظفين السعوديين في الخدمة المدنية 1,2مليون موظف، وعدد الموظفين السعوديين القطاع الخاص 1.7 مليون موظف. الا أنه ينبغي إعادة النظر في الإجراءات القانونية المتخذة لحماية الموظفين في القطاع الخاص من الاقالة. فبعد تعديل نظام العمل، وبناء على المادة السابعة والسبعون من النظام يحق لجهة العمل فصل الموظف أي انهاء عقده بدون سبب مشروع مقابل تعويض مادي، ويكون التعويض في حالة العقد غير محدد المدة اخر خمسة عشر يوماً من كل سنه من سنوات الخدمة، واذا كان العقد محدد المدة فيكون حسب المدة المتبقية من العقد، وفي كلتا الحالتين يجب الا يقل التعويض عن أجر العامل لمدة شهرين. لا شكأن ذلك تشريع للفصل التعسفي، ومنح جهات العمل حق انهاء عقود العمل بإرادة منفردة مما يهدد الأمان الوظيفي للعاملين، ويتيح لأرباب العمل استغلال مهارات العاملين في التخطيط لمشاريع مهمة، وتأسيس أعمال جديدة ومن ثم الاستغناء عنهم لتوفير التكاليف مما يلحق بهم الضرروبأسرهم، ويدخلهم في دوامة المطالبة بالتعويض، والبحث عن فرص عمل جديدة مناسبة في وقت يتسم بشح الوظائف،ومحدودية الفرص نظراً لتراجع الوضع الاقتصادي وتزايد أعداد الباحثين عن عمل. وبالرغم من صدور نظام التأمين ضد التعطل عن العمل “ساند” بتاريخ 12/3/ 1435هـ، وبدء تطبيقه منذ تاريخ 1/11/1435هـ ، والذي يهدف لدفع تعويضات للعاملين الذين فقدوا وظائفهم لأسباب خارجة عن إرادتهم مع قدرتهم ورغبتهم في العمل الا أن دفع التعويضات للمشتركين المتعطلين يخضع لعدة شروط من بينها: تسجيل المشترك المتعطل في وزارة العمل خلال 90 يوماً من تاريخ ترك العمل، واشعار الوزارة خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام، وأن تكون مدة الاشتراك مؤهلة للاستحقاق لا تقل عن 12 شهراً، والالتزام بالتدريب الذي تقرره الوزارة، وأن يكون المتعطل جاداً في البحث عن العمل. ويكون مبلغ التعويض 9000 ريال عن كل شهر من الأشهر الثلاثة الأولى، و7500 ريال عن كل شهر يزيد عن ذلك. وتكون نسبة الاشتراك 2% من الأجر الخاضع للاشتراك حيث يدفع صاحب العمل (1%) شهرياً، ويدفع المشترك (1%) شهرياً. وتتولى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تسجيل المشتركين وتحصيل الاشتراكات، ودفع التعويض المستحق للمشتركين المتعطلين، وإدارة واستثمار الحساب الخاص بنظام ساند. وبالرغم من أن نظام ساند يوفر حماية مادية مؤقتة للموظفين المفصولين، ويساعدهم في البحث عن عمل جديد الا أنهم قد يحرمون من التعويض في حال سجلت جهة العمل سبب الفصل بطريقة غير صحيحة مما يدفعهم للجوء للهيئات العمالية في مكتب العمل لنيل حقوقهم وانصافهم، وذلك لا شك يستغرق الكثير من الوقت والجهد والمال، ويحمل المتعطلين أضرار نفسية بالغة بينما لا تفرض على جهات العمل التي تخالف أحكام نظام ساند ولائحته التنفيذية عقوبات رادعة بل مجرد غرامة مادية لا تتجاوز 10,000 ريال، ويضاعف المبلغ عند التكرار. كما أن الموظف الذي لا يتعرض للفصل خلال فترة خدمته ويحال للتعاقد لا يحصل على قيمة اشتراكه خلال سنوات عمله، ولا قيمة الأرباح في حال تم استثمار المبالغ المستقطعة في صناديق استثمارية مما يثير التساؤل حول مصير الأرباح ومبالغ الاشتراكات المستقطعة ومدى فعالية النظام! وفي حال تم فصل الموظف فصلاً تعسفياً وتقاعست جهة العمل عن دفع قيمة التعويضات المستحقة يتوجب على الموظف رفع دعوى عن طريق مكتب العمل المختص أمام الهيئات الابتدائية التي يقع مكان العمل في مقرها أو دائرة اختصاصها، وقد يستغرق البت فيها فترة طويلة محسوبة من وقت الموظف المتضرر، ففي خلال هذه المدة لن يتمكن من إيجاد عمل جديد حتى الانتهاء من القضية فيتحمل تبعات الإقالة وحده حيث لا توجد عقوبات صارمة محددة في النظام تفرض على جهات العمل المخالفة والتي لا تلتزم بدفع التعويضات في وقتها، ومن يدفع ثمن المخالفة والمماطلة هو الموظف المقال الحلقة الأضعف في العلاقة التعاقدية. تأسيساً على ما تقدم تقتضي الضرورة القانونية على المنظم السعودي تعديل المادة السابعة والسبعون من نظام العمل بحيث لا يتم فصل الموظف من عمله الا بعد استلامه قيمة التعويضات المقررة وفق النظام، وأن يتم اشعاره بالفصل خلال مدة لا تقل عن 90 يوماً ليتمكن من ترتيب أموره والبحث عن عمل جديد. ولتسهيل إجراءات التقاضي، والإسراع في حل المنازعات العمالية، وتخفيض مدة التقاضي يجب على وزارة العدل الإسراع في افتتاح المحاكم العمالية المزمع انشاؤها هذا العام والمختصة طبقا للنظام القضائي بالنظر في منازعات عقود العمل والأجور والحقوق، وإصابات العمل والتعويض عنها، ومنازعات الجزاءات التأديبية، وطلب الإعفاء منها، والدعاوى المرفوعة لإيقاع العقوبات المنصوص عليها في نظام العمل، وشكاوى أصحاب العمل والعمال الذين لم تقبل اعتراضاتهم ضد أي قرار صادر من أي جهاز مختص في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. كما يجب توفير الحماية القانونية لطرفي عقد العمل بإصدار وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عقد عمل موحد يكون الزامياً على المنشآت ليحفظ حقوق الطرفين، وتحدد فيه مدة العقد، وقيمة التعويضات المستحقة عند الاقالة، والتزامات طرفي العقد، وشروط فصل الموظف عن العمل، والاجر والبدلات، والمهام المطلوبة. ولخلق بيئة عمل جاذبة وآمنة لتحفيز المواطنين على العمل بالقطاع الخاص يجب تحديد رواتب الموظفين وفقاً لمؤهلاتهم العلمية، وخبراتهم العملية. وربط الترقية بالإنتاجية، وسنوات الخدمة، والاداء. بالإضافة أنه ينبغي تفعيل الجولات التفتيشية التي تقودها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على الشركات والبنوك والمحلات التجارية وغيرها للتأكد من تحقيق نسبة السعودة المطلوبة (75 %) في النظام حيث يشغل الوافدين عدد كبير من الوظائف الإدارية والمالية، ولا يجد السعوديون أصحاب الكفاءات فرص عمل مناسبة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال