الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يخطأ من يعتقد ان بالإمكان القيام بعمل، دون الوقوع بالأخطاء، ويخطأ من يعتقد ان بإمكانه التقدم في الحياة دون مجابهة الذات بالأخطاء المرتكبه، وأقول مجابهة، لأنه ليس بالأمر السهل، بل يتطلب قدرا عاليا من الشجاعة والحكمة. اقول الشجاعة لانه بدونها لا يمكن مبارزة الذات، والصراع مع الذات تتطلب مهارة فائقه، لأن ذات المرء خير من يعرف نقاط قوته ومراكز ضعفها. وأقول قدرا عاليا من الحكمة، لأنه بدونها لا يمكن استكشاف المستقبل وتعلم العبر والدروس التي تمكن المرء من العبور نحو المستقبل. وما ينطبق على الأفراد لا شك ينطبق على كل الشركات سواء محلية أو ذات تواجد دولي، كما و ينطبق ايضا على الأمم.
فعلى سبيل المثال، الأفراد الذين لا يراجعون ذاتيا اعمالهم وأدائهم لا يمكن لهم التقدم في المستقبل دون تجاوز هذه الأخطاء. والشركات نفس الشئ، فعلى سبيل المثال، مايكروسوفت كانت دائما تردد انه لا يمكن انتشار الآجهزه التلفونيه الذكيه بحجه انها غير ملائمه للقيام بالأعمال المكتبيه، على الرغم من ان الأرقام كانت تشير قابلية ذلك لدى المستهلك، وانتشارها لدى المستهلك، ولكن مايكرسوفت استمرت في المكابره دون ادنى قدر من المراجعة الذاتيه الشجاعه، و أقول شجاعه لأني لا اتوقع ان شركة بحجمها لا تراجع خططها، ولكن يبدو ان المراجعة كانت ترديد و تأكيد على القرارات التي أتخذت سابقا.
و بالمثل و قعت بلاك بيري في نفس الخطأ ومثلها كوداك التي أفلست رغم علمها ان التصوير الآلكتروني ممكن بل وكانت تعرف ماهيته ولكنها كابرت، ، وغيرها الكثير من النماذج الموجودة ،و المشاهده والتي بالإمكان الرجوع لها ودراستها بإستفاضة و عمق. حتى على صعيد الدول، فهاهي اليونان أستمرت في الإقتراض حتى بلغت الديون مبلغا يستحيل معها خدمة فوائدها، نعم تراكمت الديون خلال سنوات عديدة، دون وقفة مع الذات لمراجعة درجة تراكمها، والنتيجة المأساوية لما آلت له الآمور في اليونان لا تخفى على متابع.
وعودة على اساس المقال، هناك نماذج ايجابية لمراجعة الذات و التعلم من الأخطاء واللحاق بالركب. فها هو وارين بفت يعلن أمام جمعيته العمومية أنه اخطأ بعدم رؤية صعود نجم عملاق الأنترنيت جوجل، ويعترف امام مساهميه انه اضاع فرصة ذهبية عليهم. وايضا يخرج عن خط السير الذي وضعه لشركته بعدم الأستثمار في شركات التقنية لضعف فهمه لها، ويقوم بإستثمار مليار دولار في اسهمها، والتي حققت له و لمساهميه أرباح بمئات الملايين. وهاهو ايضا يتنبأ للبتكوين بأن تكون لاعبا اساسيا في عالم الحوالات المالية، وهذا كله لم يكن له ان يكون دون ان يكاشف نفسه بوقائع المتغيرات على الساحة الإقتصادية المتغيرة بطبيعتها.
ونحن في بلادنا نعيش التحول ونصنعه الآن وفق رؤية 2030، ودرة تاج التغير مشروع البحر الأحمر، الذي يحول المنافي التاريخية الى مزارات سياحية ينعم بها القادمون، ليشاهدوا بأم أعينهم واقع حالنا الذي يتسم بكل مكرمة أخلاقية عرفها البشر، والذي يخبر العالم بكل خلق رفيع نتسم به، والذي يحقق تنمية لأصول معطلة منذ ان تكونت بفل البراكين والمتغيرات التي طرأت على مر الأزمنة المتعاقبة والتي ربما نشأت قبل خلق البشر. مشروع البحر الأحمر جوهرة تاج التحول، والذي نشأ كنتاج لمراجعة شاملة لكافة مكامن الضعف والخلل اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ايضا.
بلادنا اساس العروبة ومرتكزها وملاذها على مر الأزمان، منها اشرقت شمس الرسالة المحمدية الى العالم لتغير مسار البشر ولتختم بها النبوة، ولينشر بها السلام. بلادنا تتحول الى ما يضمن قيامها بدورها التاريخي في الاضافة الانسانية البناءه، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. بلادنا تتحول بعد مراجعتها للذات، كنا وما زلنا وسنظل نضرب الأمثال لقوم يعقلون.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال