الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في رحلة قصيرة على متن أحد خطوط الطيران، كان على رأس قائمة الأفلام المقترحة فيلم بعنوان “الغرق في البلاستيك”. الفيلم هو وثائقي يمكنك أن تتنبأ من عنوانه بأنه سيعرج بشكل أو بآخر على شؤون البيئة. ورغم أن تلك الرحلة كانت قصيرة نسبياَ مما يعني أنني لم أتمكن من متابعة الوثائقي بشكل كامل، إلا أنني رغم ذلك فوجئت بحجم الضرر الذي تتركه تلك المخلفات البلاستيكية على حياة المخلوقات البحرية من حولنا. يكفي فقط أن أشير إلى أن المشهد الأول يبدأ بعدد من الطيور النافقة بسبب ابتلاعها للمخلفات البلاستيكية.
تصنف قضايا المياه بين أهم المخاطر التي يواجها البشر بشكل عام. وفي حين أن بعض المخاطر الأخرى كالأزمات المالية مثلا يمكن أن تظهر وتختفي عبر حقب مختلفة من التاريخ، إلا أن مشكلة المياه استمرت تؤرق البشر عبر العصور. وبالإضافة لذلك فإنها أزمات تتشابك مع غيرها وتؤثر فيها بشكل أو بآخر. فنحن نعلم جيدا أن ما يحدث حولنا من تغير المناخ والطقس والكوارث الطبيعية له ارتباط وثيق بوفرة المياه وندرتها. وهي بالإضافة لذلك ذات بعد اجتماعي من حيث الإسهام في الأزمات الغذائية التي تؤدي بطبيعة الحال إلى حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي. على صعيد آخر فإن فرز مخلفات المحيطات يحتاج أيضا إلى طاقة، وهي تكلف الكثير من الأموال لدعم نمو صناعة معالجة النفايات وإعادة التدوير.
نسمع منذ فنره بتوقف الكثير من العلامات التجارية في بعض الدول عن توفير أكياس التسوق البلاستيكية، بل إن البعض ذهب لأبعد من ذلك بحظرها بشكل كامل وتشجيع المتسوقين على جلب حقائب يمكن إعادة استخدامها في كل مرة يقومون فيها بعملية التسوق. وحتى مراحل تصنيع المنتج التي تتطور بشكل مستمر باتت اليوم تركز على تقليل الهدر في الموارد المستخدمة. وهذا بالتأكيد إيجابي لكنه لا يكفي في حال كان في معزل عن السلوك العام في تعامل كل فرد منا مع البيئة المحيطة من حوله. التجانس بين هذه الأفكار والسلوك الشخصي ينبغي أن يصل في نظري لمرحلة لا تشاهد فيها شخص يفتح نافذة المركبة ويلقي بالمخلفات على الطريق العام لأنه يؤمن بقضية البيئة وليس فقط لأن النظام يحتم عليه ذلك.
الآن وبعد كل هذا الاستطراد، أعود لتلك الرحلة القصيرة والتي بدأت مقالي بالإشارة إليها، فقد راودني الفضول بمجرد هبوط الطائرة لتصفح بعض المواقع التي تستعرض تقنيات تهتم بحلول جذرية لهذه المشكلة. كان أكثر ما شدني خلال ذلك البحث، هو تعاون أكبر الشركات التي تستخدم هذه المواد البلاستيكية ضمن مبادرات لمواجهة الخطر القادم مما يدل على الاعتراف بحجم المشكلة. خلال العام المنصرم وحده، سمعنا على سبيل المثال عن مبادرات أخذت الكثير من الصدى في وقتها لاستبدال الأكواب البلاستيكية بمواد لا تضر بالبيئة. ومع تزايد الاهتمام، اتسعت الدائرة على مستوى المدن في بعض الدول بعد أن كان مقتصراَ على عدد من المتاجر. وإذا علمنا أن عدد المخلفات البلاستيكية في المحيطات قد يصبح في المستقبل القريب أكبر من عدد الأسماك، فنحن عندئذ نتفق على أهمية العمل بشكل أسرع مما هو عليه من أجل هذه الأرض.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال