3666 144 055
[email protected]
alolayana@
باحث في مجال الأعمال
ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء, دشّن وزير العدل محمد العيسى المؤشرات العقارية ال36 الجديدة والتي تقدم البيانات الاحصائية كمتوسط أسعار الأراضي في المناطق والمدن والأحياء السكنية والتجارية في مختلف مناطق السعودية. هذه الخطوة الرائعة والجريئة من وزارة العدل جاءت لتستغل فيها القاعدة المعلوماتية الكبيرة المتوفرة لديها و تسّهل فيه الحصول على المعلومات الحقيقية لأسعار العقار في كل منطقة ومدينة وحي. لكن يبقى السؤال, هل تستطيع هذه المؤشرات العقارية المساهمة في خفض أسعار العقار؟ وهل تستطيع هذه المؤشرات الحد من الصفقات الوهمية واستغلال السوق العقارية؟ سأقوم بتوضيح بعض الأمور المتعلقة بالمؤشرات العقارية في النقاط التالية للإجابة على التساؤل أعلاه:
أولاً: المؤشرات هي أداة للمساعدة على اتخاذ القرار وليس بامكانها بحد ذاتها خفض أو زيادة أسعار العقارات. هناك نوعين من المؤشرات بحسب مركز الأبحاث الوطنية الأمريكية (NRC). النوع الأول من المؤشرات هي التي تعطينا قياس وتقييم للوضع الحالي. النوع الآخر من المؤشرات هو الذي يبين السبب والنتيجة. أعتقد بأن هدف وزارة العدل من هذه المؤشرات هو مزيج من النوعين؛ لإعطاء صورة واضحة للسوق العقارية و لمحاولة معرفة السبب والنتيجة. قد تكون الصفقات الوهمية سبب من أسباب أرتفاع أسعار العقار, لكن المؤكد بأن المؤشرات العقارية لن تمنع حدوث مزيد من الصفقات الوهمية التي قد تتلاعب حتى بالمؤشر العقاري.
ثانياً: على الرغم من أهمية المؤشرات العقارية في عملية اتخاذ القرار, إلا أن وعي المستهلك أهم خاصة في كيفية التعامل والافادة من هذه المؤشرات. متوسط سعر العقار السكني – على سبيل المثال- في حي أو مدينة أو منطقة لا يعكس بالضرورة سعر قطعة معينة, لأن الأسعار تتأثر بطبيعة الأرض وواجهتها وجيرانها وغيرها من المؤثرات. أعتقد بأن على وزارة التجارة التدخل لتوعية المتعاملين بالسوق العقارية بكيفية الافادة من هذه المؤشرات.
ثالثاً: الهدف الأسمى والأكبر لهذه المؤشرات هو المحاولة في كبح جماح أسعار العقارات الملتهبة, وحتى يتحقق هذا الهدف فلابد من تدخل جهات ومؤسسات حكومية أخرى. على سبيل المثال: تحتاج السوق العقارية إلى قانون ينظمها ويساعد في رفع الغرر والجهالة والغش ويساهم في حماية المغفلين أيضاً. فمن غير المعقول أن يكون السوق العقارية الأكبر في المنطقة والذي يتجاوز حجمه أكثر من 1.3 تريليون ريال بدون قانون يحكم وينظم علاقة المتداولين فيه وأعتقد بأن على وزارة التجارة السعى وراء ذلك.
رابعاً: على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة العدل في هذه المؤشرات, إلا أننا مازلنا بحاجة للمزيد من الشفافية. فمالذي يمنع من امكانية معرفة السعر والتاريخ الذي بيعت فيه قطعة أرض بعينها, بحيث يمكن البحث عنهاعن طريق اسم المخطط ورقم القطعة. أعتقد بأن هذه الخطوة ستحد بشكل تلقائي من حالات التغرير والغش المتفشية بالسوق العقارية. في الولايات المتحدة الأمريكية, يمكنك الاطلاع على السعر الذي تم به شراء الأرض أو البيت وتاريخ شرائه وتعتبر من المعلومات العامة الذي من حق أي شخص الاطلاع عليها. لذلك, وعلى الرغم من أن الأسعار هناك لا ترتفع فجأة بشكل كبير إلا أنها لا تنخفض أيضاً لأن ذلك يؤثر على أسعار القطع والبيوت المجاورة ( إلا في حالة أزمة الرهن العقاري عام 2008 والتي كانت استثناء).
خامساً: وإن كانت هذه النقطة ليست لها علاقة مباشرة بالمؤشرات العقارية, إلا أن وزارة العدل تستطيع المساعدة في كبح جماح أسعار العقار من خلال تحديد عدد المرات التي من الممكن أن تتداول فيها الأراضي الكبيرة بدون تطوير, بحيث تلزم الوزارة مثلاً الذي يشتري الأراضي الكبيرة للمرة الثانية أو الثالثة بأن يطور شيئاً في الأرض قبل أن يسمح له بانتقالها من ملكيته. الهدف من هذه الخطوة أمرين: الأول المساهمة في الحد من الصفقات الوهمية؛ والثاني: أن لا يشتري الأراضي الكبيرة خاصة التي داخل العمران إلا شخص ينوي تطويرها واستصلاحها بدلاً من حبسها مدة طويلة من الزمن حتى ترتفع الأسعار ومن ثم يقوم ببيعها كما هي.
لاشك بأن المؤشرات العقارية خطوة جبارة وجريئة قامت بها وزارة العدل وتحسب لانجازاتها المتعددة, وتأتي هذه الخطوة لتقدم فيه الوزارة المعلومة الحقيقية والواقعية عن السوق العقارية في وقت كثرت فيه المعلومات المغلوطة والمكذوبة في هذه السوق. وتبقى هذه المؤشرات مجرد أدوات لتقييم وقياس الوضع القائم في السوق ولا يمكن التعويل عليها فقط لخفض أسعار العقار ما لم تدعم بخطوات أخرى جريئة تساهم بالرقي في أكبر سوق عقارية بالمنطقة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734