3666 144 055
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
في العام الموشك على النهاية، عدنا في الأسواق العربية إلى مرحلة مشابهة لما شهدناه في مرحلة طفرة الأسواق قبل الأزمة العالمية حين ارتفعت مؤشرات الأسهم إلى مستويات قياسية وانهالت الاكتتابات من كل حدب وصوب قبل أن تهوي الأسواق وتتبخر الأموال.
وجه الشبه ليس مستوى الأسعار لكن طريقة تعامل المتداولين. بدون أن نتعلم من دروس سابقة عدنا نشاهد من هب ودب يرمي أمواله في الأسواق المالية دون تفكير. رأينا أيضا من يبحث عن الشائعات والثراء السريع من غير حساب وتوقعات باستمرار الارتفاعات إلى مالا نهاية. الفرق هذه المرة أن التذبذب والتصحيح كان أسرع بكثير من المرة السابقة. سمعت البعض في ذروة الارتفاع يقول أنه لن يبقى في السوق لفترة طويلة وسيخرج بعد أن يضاعف رأس ماله. بدون طمع، فقط ضعف رأس المال في عدة أشهر! للأسف الأسواق لم تمهله واضطر للتسييل والسداد عند أسعار منخفضة.
وجه شبه آخر كان طفرة جديدة في المحللين الماليين، مع فرق وجود وسائل التواصل الاجتماعي فانتشرت “الفطريات التحليلية”، وهي معرّفات لا تستخدم اسمها الصريح وتوزع التوصيات والتحديات على مدار الساعة. المؤسف أن من يتابع تلك “الفطريات” عددهم كبير جدا وهذا دليل آخر على أن من هب ودب دخل السوق. بالرغم من تطور الإجراءات الرقابية والتنظيمية في السنوات الأخيرة، إلا أن ما لا يمكن ضبطه هو أن يذهب الشخص بنفسه وأمواله إلى المجهول.
>
> تابعنا أيضا كيف أصبح الجميع يناقش تصرفات وتصريحات وزير النفط السعودي، والجميع يعطي رأيه في كيف يجب أن تتصرف الحكومة بخصوص الفائض والعجز والدين العام. لا بل نقرأ تعليقات الاستهزاء بإجراءات الرقابة والقوانين.
لا داعي لتكرار ما أعتبره من البديهيات عن أن السوق والتداول بالأسهم ليس للهواة ولا هو وسيلة للثراء السريع، ولا أحتاج لإعادة ما أكتب عنه دائما حول أن صاحب المال هو الوحيد المسؤول عن خسارته فيما لو حدثت. ولست في وارد إعطاء نصائح استثمارية أو توصيات ولا وضع أي توقعات بخصوص العام القادم. ما أتحدث عنه هنا هو أشياء متوقعة على مر العصور منذ نشأة أسواق المال وليست خاصة بمنطقتنا.
العام القادم سيشهد تذبذبات عالية جدا، ممكن أن ترتفع الأسواق بشكل قوي، ولهذا ما يبرره، وممكن أن تنخفض بشكل أشد مما حدث مؤخرا. العوامل الاقتصادية المحيطة تحمل الكثير من المتغيرات غير الثابتة، وهذا الوضع لن يتغير في يوم وليلة. أسعار النفط لن ترتفع فجأة وتبقى مرتفعة، الاقتصاد الأوروبي لن يصبح مزدهرا بسحر ساحر. الاقتصاد الامريكي الأكبر في العالم حتى الان، ما زال يحاول أن يقنعنا بأنه تحسن، لكن الكثيرين يشككون في ذلك.
مؤشرات الأسهم العالمية ارتفعت وصححت عدة مرات خلال العام المنصرم ويبدو أنها تتجه لمزيد من الارتفاع، وهذا يعني أن تصحيحها عند ذلك سيكون أقوى وأقرب للانهيار. أما من الناحية السياسية، في المنطقة والعالم، الأزمات متوقع أن تتفاقم وتتزايد في ظل عدم وجود حلول جذرية في الأفق. والسياسة بكل تأكيد تؤثر على المناخ الاقتصادي وشهية المخاطر في الأسواق.
أتابع منذ فترة أداء عدد من الصناديق الاستثمارية حول العالم وأداء بعض الشركات الكبرى وأقوم بجمع معلومات تاريخية عنها لوضع دراسة تبين أرباحها عبر السنين على الرغم من كل الخضات التي مرت بها الأسواق. الهدف من الدراسة هو تبيان أن الاستثمار المتنوع طويل الأجل يكسب دائما لأنه يعتمد على الأداء الربحي والعائد المنطقي والوقت كفيل بتعويض أي خسائر وقتية أو دفترية. ويمكن في هذا المجال دائما الإشارة إلى المستثمر العالمي وارين بافيت الذي جنى ثروة كبيرة من الاستثمار في الأسهم. الاستثمار يعني الاستثمار، وليس المضاربة الهمجية أو المقامرة.
أعود إلى العام 2015، لأؤكد أنني أتوقع تذبذبات عالية وحركات قوية، وبالتالي أتوقع أن نشهد خسائر كبيرة لمن يدخل السوق بدون علم أو دراية. وأيضا أؤكد أن العام 2015 سيكون مليئا بالفرص الاستثمارية الحقيقية كما كان العام 2014، وسيكون هناك الكثير من المستثمرين المنتظرين لتلك الفرص لاقتناصها.
أخيرا، أقول لكل من قرأ عنوان المقال وأصابه الخوف أو التردد، أن الأسواق في عام 2015 ستخيفه أكثر من مقالي وإذا كان هناك من نصيحة، فإنني أنصح مجددا كل من لا يملك المعرفة الكافية أن يبتعد عن الأسواق. وأختم بمثل مصري بتصرف “اللي مش قد الأسواق، يروّح”.
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734