3666 144 055
[email protected]
باحث أكاديمي في الموارد البشرية ومبادرات توطين الوظائف – لندن
ABDULLAH_0026@
لطالما كتب الإقتصاديون في مشكلة البطالة في المملكة وعن خطرها وتنامي معدلاتها وفشل الجهود الرامية لحلها. ولعل قناعة بعض مشرعي القوانين من وزارة عمل وغيرها بأن معدلات البطالة لاتدعوا إلى القلق تلطف الآجواء غالبآ.
ولكن للأسف يبدوا أن أغلب حلول البطالة في السنين الأخيرة كانت فقط كثياب جديدة تغطي جسمآ متهالك. فعلى سبيل المثال في القطاع الخاص وبناء على إحصائيات وزارة العمل وكما هو موضح بالرسم البياني في الأسفل: الوظائف الإدارية (وهي المرغوبة والمقبولة بين المواطنين) كانت نسبة السعوديين فيها (ذكور وإناث) في عام 2010 حوالي 90% من إجمالي العاملين بينما في عام 2014 تدهورت النسبة لتصبح76 % فقط. وبالنسبة للذكور فالوضع يبدوا أسوء مما كنا نتخيل. فقد إنخفضت نسبتهم مقارنة بالذكور الأجانب إلى 69% بعد ماكانت 90% في عام 2010 وزيادة على ذالك فبعض الاحصائيات أيضا تشيرالي أن النسبة الأعلى في الوظائف المولدة في الأعوام السابقة كانت من نصيب الأجانب ولعل هذه المؤشرات وغيرها تدل على أن المبادرات السابقة لم تحل المشكلة بشكل جذري ولم تقلل من نسب العمالة الأجنبية واقعياً كما المأمول، بل على العكس، النسب باتت في إزدياد ملحوظ.
الأسبوع الماضي، فاجأتنا الصحافة المحلية بخبر حول إنشاء هيئة تسمى “هيئة توليد الوظائف ومحاربة البطالة”. فقد قرر مجلس الوزراء إنشاء هذه الهيئة ليكون دورها الرئيسي العمل على توليد الوظائف ومكافحة البطالة في المملكة، من خلال التنسيق بين جميع الجهات المعنية بسوق العمل من حكومية وخاصة، وتعزيز التعاون بينها، والعمل على تنمية القطاعات المولدة للوظائف واستثمار الميزة التنافسية في مناطق المملكة لهذا الغرض.
هذه الهيئة حقيقتآ ربما جاءت في وقتها وفي ذروة حاجتها وهنا سأذكر بعض المحاور اللتي أتمنى أن تؤخذ بالحسبان عند التنظيم والتشريع لعلها إن شاء الله تكون بداية عهد حزم جديد لحل مشكلة طال أمدها وزاد خطرها:
1-من أسباب فشل المبادرات السابقة هو عدم دراسة الآثار المترتبة على حدة تنفيذ القرارات في فترة وجيزة وبدون تهيئة وتثقيف لازم وعدم وضع خطط للتغطية. فمثلا تنفيذ بعض قرارات نطاقات بحزم آدى إلى آثار سلبية كثيرة وبعضها خطير، فمؤسسات وشركات كثيرة أوقفت نشاطها لعدم مقدرتها على مواكبة تلك القرارات من نسب توطين وغيرها وهذا يعني ضرر إقتصادي وإجتماعي. ولعل باقي الشركات الصغيره وحتى بعض الكبيرة لجؤوا إلى السعوودة الوهمية للتحايل على تلك القرارت وهو مازاد الأمر تعقيدآ كما ذكرت في أحد مقالاتي السابقة. فلذالك يجب وضع خطط طويلة الأجل مع الأخذ بعين الإعتبار عدم الإضرار بنمو القطاع الخاص.
2-وضع أولويات تقوم على أساس الأهم فالمهم، وذاك لحل المشاكل الرئيسية أولا ومن ثم الفرعية. فعلى سبيل المثال البدء بتوطين الوظائف اللتي لها قبول في أوساط المواطنين وإلزام الشركات بتوطين تلك الوظائف وذالك لإمكانية وجود الأيدي العاملة الوطنية المهيئة لتلك الوظائف.
3-معالجة الأعداد المتزايدة للعمالة الأجنبية ووضع خطط طويلة الأجل تضمن التقليل بشكل تدريجي يضمن عدم الإخلال بإنتاجية القطاع الخاص من سحب المهارات الأجنبية بدون البديل وأيضآ عدم التأثير على أصحاب العمل بشكل سلبي. من إجبارهم على توطين وظائف يصعب إيجاد من يقبلها أو يتقنها بين المواطنين.
4-وضع آلية أوضح للعلاقة بين رب العمل وطالب العمل مما يضمن حق الطرفين ويقلل من نسب التحايل اللتي نعايشها واللتي لن تفيد أي طرف من الأطراف بل تزيد المشكله تعقيدآ. وهذه العلاقة من الأفضل أن توضع بناء على أسس وقواعد سليمة تأخذ بعين الإعتبار عدم الإضرار بأي من الطرفين. وذالك لأن عدد كبير من العازفين عن وظائف القطاع الخاص يعولون الأمر إلى تسلط رب العمل وهضم حقوقهم بدون وجه حق.
أخيرا: أتمنى نجاح هذه الهيئة في دورها والمساهمة في حل المشكلة الأكبر في إقتصادنا اللتي لاطالما عانى منها الكبير والصغير. ففي حلها دعم مستدام للإقتصاد و للتماسك المجتمعي اللذي نحن بأمس الحاجه له في هذه الضروف اللتي تمر بها بلادنا حمانا الله واياكم ووطننا من كل سوء.
العثمان
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734