3666 144 055
[email protected]
ahmadaziz.com
ahmadibnaziz@
ما يمنع الإنسان أحيانا من تقديم بعض الأعمال هو أنه يرى أن تأثيره بسيط ولن يُحدث الفرق في المجتمع. على الرغم من معرفتنا للمقولة المشهورة مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة وغيرها من المقولات الشهيرة التي تبيّن أهمية هذه الخطوات الصغيرة التي سيكون تأثيرها ضخما وملياريًا في بعض الأحيان اذا اجتمعت.
بعد إعلان رؤية الوطن ٢٠٣٠م التي شملت جوانب اقتصادية واجتماعية وثقافية برزت أحد الخُطط لرفع أعداد المتطوعين من ١١ ألف متطوع حاليا حتى مليون متطوع سنويًا. والمجتمع ربما يرى أن العمل التطوعي يكون مفيد على المستوى الشخصي للمتطوع من بناء شخصيته وزيادة خبرته في الميدان وتنعكس فائدة التطوع على الصعيد الاجتماعي والثقافي للمجتمع فقط. ويغفل بعضهم أن التطوع في العالم عبارة عن أداة اقتصادية ضخمة يمكن أن تساهم في تنمية البلد وتطويره والمساهمة في دفع عجلة التنمية دون ضخ المزيد من الأموال.
فحسب الإحصائية الرسمية من موقع Volunteering in America المتخصص في نشر الإحصائيات عن العمل التطوعي في أمريكا فإنه في عام ٢٠١٥م لوحده بلغت ساعات التطوع ما يقارب ٨ مليار ساعة تطوع شارك فيها ٦٣ مليون متطوع بمعدل ١٢٧ ساعة للمتطوع الواحد في السنة وهو ما يعني تطوع ساعتين ونصف فقط في الأسبوع. والنقطة الجوهرية في الموضوع أن قيمة هذه الساعات التطوعية قُدرت بحوالي ١٨٤ مليار دولار! وهذا كله تم خلال سنة واحدة. بينما على مدار آخر ١٣ سنة في أمريكا والإحصائية لذات الموقع تقول أنه تم التطوع بما مجموعه ١٠٥ مليار ساعة وتُقدر قيمة هذه الأعمال التطوعية بحوالي ٢،١تريليون دولار أمريكي، هذه الإحصائيات الرسمية عن حجم الأعمال التطوعية في أمريكا وما تساويه من المال أرقام كبيرة جدًا تجعل العمل التطوعي جزء لا يتجزأ من دفع الإقتصاد لأي دولة والمساهمة في تنمية المجتمع على كافة الأصعدة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيًا.
ولأنه لا يوجد بيانات رسمية عن كافة تفاصيل الأعمال التطوعية لدينا بالمملكة سأقوم بتوقع حجم تأثير العمل التطوعي، فحسب إحصائية الهيئة العامة للإحصاء لعام ٢٠١٤م فإن السعودية تمتلك من الشباب ما يقارب ١٣ مليون و ٦٠٠ ألف من الجنسين تتراوح أعمارهم بين ١٥ حتى ٣٩ سنة. وعلى اعتبار أن ١٠٪ فقط من هؤلاء الشباب تطوع لمدة ساعتين ونصف أسبوعيًا فهذا يعني ١٧٧ مليون ساعة تطوع في السنة. وعلى اعتبار أن متوسط راتب للسعودي ٥٥٠٠ ريال شهريا فسيكون متوسط أُجرة الساعة ٤٥ ريال لذلك ستُقدر قيمة ساعات التطوع هذه بما يقارب ٨ مليار ريال. وهو المبلغ ذاته الذي يعادل ميزانية جامعة ضخمة مثل جامعة الملك سعود. وهذه الأرقام العالية تأتي من تطوع ١٠٪ فقط من فئة الشباب فكيف سيكون الحال لو تطوع ٥٠٪ منهم؟
بلا أدنى شك أن حجم تأثير الأعمال التطوعية في أي بلد سيكون ملحوظ على المستوى الشخصي للمتطوع وعلى مستوى المجتمع وثقافته ووعيه وعلى مستوى الإقتصاد العام للدولة. يبقى العمل الجاد لتهيئة البنية التحتية من توفر قاعدة بيانات ضخمة ومتطورة لربط الجهات والمنظمات الغير ربحية مع المتطوعين وتنظيم العمل التطوعي وتطويره فالعمل التطوعي أصبح أداة مهمة في يد الإقتصاد الآن لكنها تحتاج لمن يُحسن استخدام هذه الطاقات الشبابية العظيمة في السعودية.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734