الأربعاء, 8 مايو 2024

مبادرتا “السعودية الخضراء” و “الشرق الأوسط الأخضر” ترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة وستسهمان بشكل فاعل في تحقيق المستهدفات العالمية

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

انطلاقًا من دور المملكة الريادي في الحفاظ على المناخ ودعم جهود المجتمع الدولي في مواجهة التحديات الرئيسية المرتبطة بالبيئة؛ تستضيف العاصمة الرياض في الفترة ما بين 23 إلى 25 أكتوبر 2021م، النُسخة الافتتاحية لـ”منتدى مبادرة السعودية الخضراء” و”قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر”، وهما المبادرتان اللتان أعلن عنهما الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء أواخر مارس الماضي، وحظيتا بتفاعل عالمي كبير.

ويأتي تنظيم المملكة هذين الحدثين المُهمين، في إطار تصميمها على إحداث تأثير عالمي دائم، في مواجهة ظاهرة التغيّر المناخي وحماية الأرض والطبيعة، والإسهام بشكل قوي وفاعل في تحقيق المستهدفات العالمية؛ بما يدفع عجلة مكافحة الأزمات المُرتبطة بالمناخ بشكل منسق إقليميًا ودوليًا.

ووجهت المملكة دعوات لحضور منتدى مبادرة السعودية الخضراء وقمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، إلى العديد من رؤساء دول العالم والمسؤولين الحكوميين، إضافة إلى الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات في الدول المدعوّة، وعدد آخر من رؤساء المنظمات الدولية والأكاديميين وأصحاب الاختصاص في المجال البيئي ومؤسسات المجتمع المدني.

اقرأ المزيد

تستند المملكة العربية السعودية في جهودها لحماية البيئة على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاجتماعي، دافعها في المقام الأول الواجب الديني والوطني والإنساني والمسؤولية أمام الأجيال القادمة، ولذلك وازنت بين صون البيئة والتنمية المستدامة ضمن مستهدفات رؤيتها المستقبلية 2030.

وعلى قدر اهتمام المملكة بشؤون بيئتها محلياً، أطالت مدى ذلك فجاوزت الحدود لتعاضد المجتمع الدولي تجاه المخاطر المحدقة بكوكب الأرض بيئياً ومناخياً، واستشعار ضرورة الوصول إلى حلول ناجعة وفق منظور أممي تُغلب فيه مقومات الحياة واستدامتها على أساس أنها ” قضية دولية ” تجثو بتأثيرها على وجه البسيطة وقاطنيها.

وتشاطر المملكة دول العالم فيما تواجهه من تحديات بيئية متنامية نتيجة للتزايد السكاني وتسارع الوتيرة الصناعية والاقتصادية والعمرانية والزراعية، فسعت جاهدة للحد من مسببات التغير المناخي، والوفاء بالتزامها بالمعايير والاتفاقيات الدولية في إطار البرامج الدولية المنبثقة عن المنظمات المتخصصة، ومنها اتفاق باريس للتغير المناخي الرامية لتجنب التدخلات الخطيرة الناشئة عن أنشطة بشرية في النظام المناخي .

وخلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين العام الماضي، عززت من دورها الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، والإسهام في حماية كوكب الأرض، ونتج عن ذلك إصدار إعلان خاص حول البيئة لضمان مستقبل مستدام يحد من التدهور البيئي والحفاظ على التنوع الحيوي والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وإصلاحها، والمحافظة على المحيطات، وتشجيع توفر الهواء والماء النظيفين، والتعامل مع الكوارث الطبيعية والظواهر المناخية الشديدة، ومعالجة التغيّر المناخي .
وأعلنت المملكة عن توجهها لإطلاق البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون، داعية الدول الأخرى للعمل جنبًا إلى جنب لتحقيق أهداف هذا البرنامج المتمثلة في التصدي للتغير المناخي مع الاستمرار في تنمية الاقتصاد وزيادة رفاه الإنسان.

واستدركت قمة العشرين بالرياض مجمل التحديات البيئية العالمية ومن ضمنها التغير المناخي، وحماية البيئة البحرية والبرية وإطلاق منصة تسريع أبحاث للمحافظة على الشعاب المرجانية وحماية الموائل البرية ، إضافة إلى التشارك في خفض تدهور الأراضي بصورة طوعية بنسبة 50 % بحلول عام 2040.

وجددت دول المجموعة تأكيد التزامها بخفض التلوث الإضافي الناتج عن المخلفات البلاستيكية البحرية حسبما ورد في رؤية أوساكا للمحيط الأزرق، ووقف صيد الأسماك الجائر غير القانوني وغير المبلّغ عنه، وأهمية تعجيل حصول الجميع على طاقة ميسورة التكلفة وموثوقة بالاعتماد على الابتكار في مختلف خيارات الوقود والتقنية بما يوائم الظروف الوطنية، ويشمل ذلك ضمان توفير الوصول إلى وسائل الطهي النظيف والكهرباء.

وجاء الإجماع الدولي على أهمية استخدام تشكيلة واسعة ومنوعة من الوقود والخيارات التقنية وفقًا لكل سياق وطني، وقيادة تحولات الطاقة الرامية إلى تحقيق الأهداف الأربعة: أمن الطاقة، والكفاءة الاقتصادية، والبيئة والسلامة ، إلى جانب تأييد المبادرة المتعلقة بالطهي النظيف والحصول على الطاقة، وتأكيد الالتزام المشترك بالترشيد متوسط المدى والتراجع التدريجي عن الدعم غير الفعال للوقود الأحفوري الذي يزيد من الاستهلاك التبذيري، مع تقديم الدعم المستهدف للمناطق الأشد فقرًا .

وشملت مستهدفات رؤية المملكة 2030 مواجهة التحديات والمخاطر من خلال رفع كفاءة إدارة المخلفات، والحد من التلوث بمختلف أنواعه، ومقاومة ظاهرة التصحر، والعمل على الاستثمار الأمثل للثروة المائية عبر الترشيد واستخدام المياه المعالجة والمتجددة، والتأسيس لمشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات.

وتأكيداً لجهود المملكة خلال السنوات السابقة ووفق رؤيتها الطموحة 2030، تكتمل الجهود الوطنية في مجال البيئة باتساع محيطها إقليمياً، وذلك بإعلان ولي العهد عن “مبادرة السعودية الخضراء”، و”مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” اللتين ترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة وستسهمان بشكل فاعل في تحقيق المستهدفات العالمية.

ودفعت المملكة بهاتين المبادرتين كما قال ولي العهد: “بصفتنا منتجًا عالميًا رائدًا للنفط ندرك تمامًا نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة “.

وأكد ولي العهد، أن المملكة والمنطقة تواجهان الكثير من التحديات البيئية، مثل التصحر، الأمر الذي يشكل تهديدا اقتصاديا للمنطقة حيث يقدر أن 13 مليار دولار تستنزف من العواصف الرملية في المنطقة كل سنة، كما أن تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري يقدر أنه قلص متوسط عمر المواطنين بمعدل سنة ونصف السنة، وسنعمل من خلال مبادرة السعودية الخضراء على رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية.

” السعودية الخضراء “و ” الشرق الأوسط الأخضر ” ستتضمن عددًا من المبادرات الطموحة من أبرزها زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود القادمة، ما يعادل إعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفاً، وتمثل إسهام المملكة بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1% من المستهدف العالمي لزراعة ترليون شجرة.

كما ستعمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة أراضيها التي تقدر بـ (600) ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17% من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية.

وستعمل ” مبادرة السعودية الخضراء ” كذلك على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4% من الإسهامات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50% من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030م، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94%.

وتعكس المبادرتان تصميم المملكة على إحداث تأثير عالمي دائم وانطلاقاً من دورها الريادي، ستبدأ العمل على مبادرة الشرق الأوسط الأخضر مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط، وتسعى بالشراكة مع الأشقاء في دول الشرق الأوسط لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط، وفق المستهدف العام لزراعة (50 مليار) شجرة وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم ، ويشكل ضعف حجم السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل (ثاني أكبر مبادرة إقليمية من هذا النوع).

ويسهم المشروع في استعادة مساحة تعادل 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة مما يمثل (5%) من الهدف العالمي لزراعة (1 تريليون) شجرة، ويحقق تخفيضاً بنسبة 2.5% من معدلات الكربون العالمية، في الوقت الذي لا تتجاوز حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط 7%، بالإضافة إلى أن التقنيات التي تستخدم في إنتاج النفط بالمنطقة ليست ذات كفاءة، فيما ستعمل المملكة مع هذه الدول على نقل المعرفة ومشاركة الخبرات مما سيسهم في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60%، فضلاً عما ستحققه الجهود المشتركة من تخفيض في الانبعاثات الكربونية بنسبة تتجاوز 10% من المساهمات العالمية.

ويأتي ذلك نظير رغبة المملكة الجادّة بمواجهة ما عانته من تحديات بيئية تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض نسبة الأمطار، وارتفاع موجات الغبار والتصحر، وأن جزءاً من جهودها لتعزيز الصحة العامة ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين فيها. حيث قامت بإعادة هيكلة شاملة لقطاع البيئة، وتأسيس القوات الخاصة للأمن البيئي في عام 2019م، إضافة إلى تمكن المملكة من الوصول لأفضل مستوى من الانبعاثات الكربونية للدول المنتجة للنفط، وغيرها من المبادرات التي بدأت على أرض الواقع وحققت نتائج إيجابية ملموسة في الوضع البيئي العام.

وحظيت مبادرتا “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” بتأييد عالمي من قبل الدول والمنظمات الدولية، وتسعى المملكة جادة لحصد نتائج فعالة من هذه المبادرات، ولهذا ستعقد منتدى “السعودية الخضراء” في منتصف هذا العالم، وقمة “الشرق الأوسط الأخضر” في أواخر عام 2021، متطلعة إلى أن تكون هاتان المبادرتان محطة مفصلية في رسم مستقبل كوكب الأرض.

ونفذت شركة أرامكو السعودية أحد أكبر المشاريع التجريبية لاستخلاص غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه على مستوى منطقة الشرق الأوسط لتصبح واحدة من أنظف الصناعات النفطية على مستوى العالم، حيث عملت على حقن 800 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون خلال عام، تُنقل عبر خط أنابيب، على مدى 85 كيلومتراً، إلى مرافق إنتاج البترول في معمل العثمانية لتُستخدم في تعزيز الإنتاج، ضمن خطتها لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون الذي ينبعث من المرافق الصناعية الكبرى مثل محطات الطاقة الكهربائية، وتخزينه واحتجازه تحت الأرض بدلا من انبعاثه إلى الغلاف الجوي.

وتعمل الشركة على تطوير أعمالها لتصبح واحدة من أنظف الصناعات النفطية في العالم، واستثمرت في استرداد الغاز الطبيعي بدلا من هدره، وفي تطبيق التقنيات الفعّالة للحدّ من حرق الغاز في الشعلات وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وبذلك تعد المملكة من الدول المتقدمة من حيث انخفاض الانبعاثات الكربونية من الصناعات النفطية.

ولتنمية بيئية مستدامة، وتحقيقاً للأمن المائي والغذائي الشامل للمملكة وتنمية زراعية مستدامة، ضمن أهداف رؤية 2030، تضمنت الإستراتيجية الوطنية للبيئة 64 مبادرة، بتكلفة تجاوزت 50 مليار ريال بهدف إعادة هيكلة قطاع البيئة ليتواكب مع اتساع المملكة وتنوع بيئتها ومواكبة النمو الكبير في القطاعات المؤثرة في البيئة من خلال إطلاق خمسة مراكز بيئية متخصصة وممكنة وهي : المركز الوطني للالتزام البيئي، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والمركز الوطني لإدارة النفايات والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، والمركز الوطني للأرصاد، لتعزيز الالتزام البيئي وخفض تكلفة التدهور البيئي وخلق فرص وظيفية للمواطنين وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، إضافة إلى إنشاء صندوق البيئة لدعم استدامة قطاع البيئة والعمل مع وزارة الداخلية لتأسيس القوات الخاصة للأمن البيئي، كما اعتُمد نظام بيئي جديد متوافق مع أفضل الممارسات والمعايير العالمية وإعداد نظام جديد لإدارة النفايات ونظام للأرصاد.

ويعد مشروع محطة سكاكا للطاقة الشمسية، وتوقيع اتفاقيات شراء سبعة مشروعات أخرى للطاقة المتجددة في مختلف مناطق المملكة، تطبيقاً عملياً على أرض الواقع، لرؤية “المملكة 2030″، والإسهام في الوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل، وتحوّل المملكة من استهلاك الوقود السائل إلى الغاز والطاقة المتجددة.
وتقع المشروعات الجديدة في المدينة المنورة، وسدير، والقريات، والشعيبة، وجدة، ورابغ، ورفحاء، ويبلغ إجمالي طاقة هذه المشروعات، إضافةً إلى مشروعي سكاكا ودومة الجندل، 3670 ميجاوات، وستوفر الطاقة الكهربائية لأكثر من 600 ألف وحدة سكنية، وستخفض أكثر من 7 ملايين طن من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
ويمثل استغلال الطاقة المتجددة جزءاً مهماً في السعي إلى خفض استهلاك الوقود السائل في إنتاج الكهرباء، للوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل، الذي يهدف إلى أن تُصبح حصة الغاز ومصادر الطاقة المتجددة في هذا المزيج حوالي 50% لكلٍ منهما بحلول عام 2030م، وذلك بإزاحة ما يقارب مليون برميل بترول مكافئ من الوقود السائل يومياً، تُستهلك كوقود في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه وفي قطاعات أخرى.

وسيمكن كل ذلك المملكة من رفع كفاءة استهلاك الطاقة في إنتاج الكهرباء، وتأكيد وتعزيز مستوى التزامها البيئي، بخفض مستوى الانبعاثات المتسببة في الاحتباس الحراري، كما أن هذه المشروعات، والعديد غيرها التي يجري إنشاؤها في أنحاء المملكة، كمشروعات إنتاج الهيدروجين والأمونيا، وتبنّي المملكة نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي أقرته قمة مجموعة العشرين، استناداً إلى مبادرة المملكة، تأتي كنهج فاعل لتحقيق الأهداف المتعلقة بالتغير المناخي، وضمان إيجاد أنظمة طاقةٍ أكثر استدامة وأقل تكلفة، وهي عناصر داعمةٌ ومُكملةٌ للأهداف الطموحة التي ترمي إليها مبادرة “السعودية الخضراء”، و”الشرق الأوسط الأخضر”، التي أعلن عنهما سمو ولي العهد، وتُبيّن للعالم إصرار المملكة على مواصلة الوفاء بالتزاماتها في إطار اتفاقيات حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي.

وتسعى وزارة الطاقة إلى التكامل والترابط بين جميع قطاعات الطاقة المختلفة وتعزيزها للاقتصاد الوطني والعالمي كمحرك أساسي للنمو، ويشمل ذلك الطاقة التقليدية والمتجددة، والطاقة النووية للاستخدامات السلمية مستقبلا؛ من خلال تبني الحلول الابتكارية لتعظيم المنفعة الاقتصادية للمملكة من القطاع ككل.

وتتمتع المملكة العربية السعودية بموقع جغرافي ومناخي متميز يجعل الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة أمراً مجديا اقتصاديا وداعما لجهودها في مجال تنويع مصادر الطاقة، كما تسعى المملكة إلى تعزيز وتوسعة مكانتها المتميزة والرائدة، عالميا في مجال الصناعة البترولية، لتشمل مصادر الطاقة الأخرى.

ويُعد البرنامج الوطني للطاقة المتجددة مبادرة إستراتيجية تحت مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة ورؤية المملكة 2030. ويستهدف البرنامج زيادة حصة المملكة العربية السعودية في إنتاج الطاقة المتجددة إلى الحد الأقصى، وقد بدأ البرنامج في خارطة طريق محددة ومتسقة لتنويع مصادر الطاقة المحلية، وتحفيز التنمية الاقتصادية والعمل وصولًا لاستقرار اقتصادي مستدام في المملكة في ضوء أهداف رؤية المملكة 2030 ، التي تتضمن تأسيس صناعة الطاقة المتجددة، ودعم تطور هذا القطاع الواعد، وذلك بالعمل على الوفاء بالتزامات المملكة تجاه تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وتعمل وزارة الطاقة من خلال هذا البرنامج على تنويع مزيج الطاقة الوطني المُستخدم في إنتاج الكهرباء، بزيادة حصة الغاز ومصادر الطاقة المتجددة فيه، حيث تستهدف المملكة تحقيق المزيج الأمثل للطاقة، والأكثر كفاءة والأقل كلفة في إنتاج الكهرباء، وذلك بإزاحة الوقود السائل والتعويض عنه بالغاز الطبيعي، إضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة التي سوف تشكل ما يقارب 50%؜ من سعة إنتاج الكهرباء بحلول عام 2030. إضافة إلى جهودها في تمكين صناعة مكونات إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح محليًا، ومن ثم، ستصبح المملكة خلال الأعوام العشرة القادمة – بإذن الله – مركزًا عالميًا للطاقة التقليدية والمتجددة، وتقنيات المواد الهيدروكربونية المبتكرة.

وتدعم الوزارة، المحتوى المحلي للطاقة المتجددة، للعمل على بناء قطاع طاقة متجددة ومستدامة يشمل الصناعات والخدمات وتوطين التقنيات وتأهيل الكوادر البشرية، عن طريق تسريع نمو القطاع الخاص المحلي ودعم الشركات المحلية لتطوير منتجات وتطبيقات وخدمات في مجال الطاقة المتجددة، ودعم توطين التكنولوجيا ونقل المعرفة من خلال بناء الكوادر البشرية، واستقطاب الكفاءات ذات المهارات النوعية المتخصصة الوطنية للانضمام إلى القدرات البشرية في قطاعات الطاقة.

كما تشمل الطاقة المتجددة إنشاء صناعة جديدة لتكنولوجيا الطاقة المتجددة، ودعم بناء هذا القطاع الواعد من خلال تسخير استثمارات القطاع الخاص، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وتعمل الوزارة على التخطيط لتحفيز القطاع الخاص والمستثمرين المهتمين بهذا المجال للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، تماشياً مع رؤية المملكة 2030 التي حظيت بدعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، و ولي عهده الأمين – حفظهما الله -، لإيجاد سوق تنافسي محلي للطاقة المتجددة، كما يعكس حصول المملكة على أقل الأسعار في العالم لمشاريع الطاقة المتجددة جاذبية هذا الاستثمار، وآفاقه الواعدة، حيث حققت المملكة السعر الأكثر تنافسية على مستوى العالم في توليد طاقة الرياح و الطاقة الشمسية وبتكلفة إنتاج تُعد رقماً قياسياً عالمياً جديداً لهذا النوع من المشاريع عند الإغلاق المالي على مستوى العالم مما يعكس ثقة المستثمرين المحليين والعالميين في إمكانات المملكة كمركز للطاقة المتجددة.

وأطلقت المملكة خلال رئاستها لمجموعة العشرين مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون المؤيد من مجموعة العشرين كإطار متكامل وشامل لمعالجة التحديات المترتبة على انبعاثات الغازات الدفيئة وإدارتها بشتى التقنيات المتاحة، ويمثل هذا النهج طريقة مستدامة لإدارة الانبعاثات باستخدام أربعة محاور (التخفيض، وإعادة الاستخدام، والتدوير والتخلص)، ويتناغم إطار الاقتصاد الدائري للكربون مع رؤية المملكة 2030 من حيث تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمواءمة والعمل مع جميع القطاعات التنموية بالمملكة (الطاقة، والصناعة، والمياه، والزراعة، والسياحة، وغيرها من القطاعات).

وتبنت المملكة هذا المفهوم، كطريقةً جديدة لتحقيق الأهداف المناخية، وتشجيع الجهود الرامية إلى الحد من تراكم الانبعاثات الكربونية والاستفادة منها، مع الحد من الآثار السلبية على البيئة، وإزالة الانبعاثات من الغلاف الجوي.

ويدعم البرنامج جهود المملكة في تعزيز التنمية المستدامة ودورها الرائد في المجال البيئي، ويتم من خلاله تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية للمملكة العربية السعودية على المدى الطويل مع الأخذ في الاعتبار مسؤوليتها الرائدة تجاه البيئة، إضافة إلى تطوير قطاع الطاقة ورفع القيمة المضافة منه من خلال استغلال انبعاثات الكربون واستخدامها في مجالات أخرى لتحقيق المنفعة الاقتصادية وتطوير التقنيات اللازمة لتحقيق ذلك.

والمملكة العربية السعودية تعد من الدول الرائدة على مستوى العالم في الحد من كثافة انبعاثات الكربون الصادرة عن أعمال إنتاج البترول وما يرتبط بها من أعمال الحرق في الشعلات.

يُذكر أن مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، تستهدفان زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، وتخفيض الانبعاثات الكربونية بما نسبته أكثر من 10% من الإسهامات العالمية، إذْ تأتيان ضمن مساعي المملكة الجادة لتعزيز شراكتها إقليميًا ودوليًا، في مواجهة التحديات البيئية والتغلب عليها؛ حمايةً لكوكب الأرض ودعمًا لجهود مكافحة التغيُّر المناخي، بهدف الحفاظ على بيئة وصحة إنسان المنطقة والعالم.

ذات صلة

المزيد