3666 144 055
[email protected]
في ظل سعي مملكتنا الحبيبة للتحول إلى مجتمع معرفي منافس 2022م لفتني مؤخراً توقع بنمو قطاع سوق الألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط بنحو 10% خلال السنوات المقبلة في سوق يقدر حجمه بـ 15مليار دولار، وقد قدر إنفاق الطفل السعودي بأكثر من 400 دولار سنويا و يزيد هذا الرقم قطعاَ إذا أضفنا قيم الأجهزة النقالة والحاسوبية التي يستخدمها أبناؤنا في ألعابهم بكثرة؛ ومن المسلمات الشهيرة أننا نقبع على قائمة المستهلكين المفضلين في المنطقة لمنتجي الألعاب اللالكترونية وملحقاتها، وهذا ناتج لشغف أبنائنا بكل جديد ونسبة عدد النشء الكبيرة لمجموع السكان، والنمو المطرد في خدمات الإنترنت واستخدامها حيث تقدر نسبة مستخدمي الألعاب الإلكترونية بـ 63% من جملة مستخدمي الإنترنت؛
ولعل من يتابع أبناءه أثناء اللعب يدرك مدى التشويق والمتعة والإثارة والقوة والروعة الإخراجية؛ ويمكن ملاحظة سرعة البديهة، وردة الفعل وقوة الملاحظة، وتعدد المهام، والتآزر بين الرؤية والحركة، ونمو الإبداع، وتجاوز العقبات، وحل الألغاز، وتوسع آفاق الخيال، والقدرة على اتخاذ القرارات، واكتساب مهارات حركية في بعض ألعاب المحاكاة، والتعرف على بعض من المصطلحات، وحتى المشاركة مع الأقران كفريق، والرجوع لمصادر أخرى للبحث عن بعض الحيل والدروس حول اللعبة، والقدرة على التعامل مع الأجهزة الإلكترونية، وبرامجها، وأعطالها؛ كل هذا لا يلغي قطعاً الدراسات المخيفة التي أكدت الأضرار الدينية، والجسدية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية، والاقتصادية لهذه الألعاب والمتشبعة بأفكار وثقافات صانعيها؛
وأمام هذا الواقع المتضارب تتفاوت خيارات الآباء، والأمهات إلى عدة اتجاهات فمنهم من يعمد إلى الحرمان؛ وهذا خطأ تربوي فادح يؤثر سلبا على الأبناء، وتوافقهم المجتمعي، ونموهم النفسي، وتقدير ذواتهم؛
وعلى النقيض تماما تعمد بعض الأسر إلى ترك الحبل على الغارب لأبنائها، ليمارسوا ألعابهم كيفما اتفق؛ وإن تعرض لهم أحد بالنقد هونوا منه، وزعموا عدم تأثيرها، وأن ما يقال حولها ما هي إلا مبالغات ليس إلا، وهذه فئة عريضة في مجتمعنا تعودت السلبية التربوية، وعدم الاكتراث بالتنائج؛
وفي الوسط بين النقيضين نجد نماذج إيجابية رائعة في مجتمعنا تركز اهتمامها على الملاحظة، والتوعية، والتوازن بحسن الاختيار، وتحديد ساعات محددة للعب، والتحاور مع الأبناء، وتدعيم أخلاقهم، وبلورة الروح الناقدة بداخلهم؛ لكي يتساءلوا دائما عما تنطوي عليه ألعابهم، ويعرضوها للنقد بهل؟ وكيف؟ ولماذا؟
أما المجتمع الكبير فإني آمل أن نأخذ خطوة إبداعية، وندفع بإيجابية نحو رؤية وطنية طموحة، تتبني منظومة فاعلة، تعنى بالألعاب، وصناعتها، وتصميمها، وتطويرها، وجلب تقنياتها، وعقد شراكات مع روادها بما يناسب ديننا، وحياتنا، وبيئتنا، وقيمنا، ولغتنا، ورؤيتنا؛ وهذا بلا شك يعزز المكانة الأصيلة لبلادنا إقليمياً، وعربياً، وإسلامياً، بجانب مردوداتها الاقتصادية الواعدة، والاجتماعية، والتربوية، والتعليمية، والتي يمكن توظيفها في تهذيب سلوكيات النشء، وتعهد قيم المواطنة، ودعم التوجه للمجتمع المعرفي والتقني، وزرع ما نريد كيفما نريد.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734