3666 144 055
[email protected]
باحث في مجال الأعمال
alolayana@
العديد من الانجازات التي تحسب للأمير الشاب فيصل بن سلمان التي أطلقها في فترة وجيزة في المدينة المنورة . أهم هذه الانجازات هي دعم وتحفيز مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة, حيث أطلق رزمة من المبادرات والمشاريع مثل “وقف المنورة” التي انبثق عنها مبادرة “صنع في المدينة” ومؤسسة “نماء المنورة” لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. كما تم عقد مجموعة من الاتفاقيات مع جهات حكومية وخاصة من أجل تذليل العقبات وتهيئة البيئة الاقتصادية المناسبة للتاجر الصغير بما يتلائم مع مكانة المدينة المنورة.
في نفس الوقت, تتدفق أموال كبيرة في اقتصاد المدينة المنورة لأجل مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف وساهم هذا التدفق النقدي الكبير لارتفاع أسعار العقارات في المدينة في السنتين الأخيرة بما يزيد عن 200% خاصة في المناطق الداخلة في حد الحرم، حتى أن كثير من عوائل الطبقة المتوسطة لا تستطيع شراء أرض للسكن, وبالكاد توفر مصروف للايجار.
في اعتقادي, أن هذه الزيادة الكبيرة في أسعار العقارات هي من أكبر التحديات التي تواجه الأمير فيصل بن سلمان نحو مساعيه لدعم شباب وسيدات الأعمال في بدء مشاريعهم. الزيادة في أسعار العقارات تتبعها زيادة في أسعار الايجارات, ويتبع ذلك زيادة في أسعار المواد الخام والمشتريات, وذلك كله يزيد من كلفة البدء بالمشروع. إذا أخذنا بالحسبان أن حوالي 40-50% من المشاريع الجديدة تفشل لأسباب تتعلق بالتاجر أو البيئة أو الظروف المحيطة, فإن ذلك سيعطينا تصور أكبر عن حجم التحديات التي تواجه شباب وسيدات الأعمال في المدينة المنورة.
سردي لهذه التحديات هو ليس من باب التثبيط أو للتقليل من عزيمة المسؤولين عن مبادرة “صنع في المدينة”, بل الهدف هو لفت الانتباه لهذه التحديات وعرض بعض الحلول التي قد تسهم في تجاوز هذه التحديات.
أول هذه الحلول المقترحة هو تنفيذ مشروع توسعة المدينة المنورة على مراحل وبالتدريج وعلى مدد زمنية طويلة نسبياً (10 أو 15 سنة). كثير من أهل المدينة والمتابعين لأخبارها يؤكدون أن المدينة ليست في حاجة ماسة للتوسعة الكبيرة هذه الأيام.
التوسعة على فترات طويلة سوف يخفف من التدفق النقدي المتزايد على المدينة من أجل التوسعة, كما يقلل من عدد البيوتات والعقارات المنزوعة وبالتالي تستطيع عقارات المدينة أن تلتقط أنفاسها قليلاً (وهذا يخفف أيضاً من الضغط على ميزانية الدولة خاصة بعد نزول أسعار البترول).
التوسعة المتدرجة تعطى فرصة لشباب وسيدات المدينة المنورة بان يواكبوا الأسعار ويعملوا على مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة, فمن الممكن مواكبة زيادة 5% مثلاً من الأسعار سنوياً لكن الزيادة الكبيرة المفاجئة تمثل عائقاً كبيراً يصعب تجاوزه.
من الحلول المقترحة أيضاً, هو بناء مدن تجارية على أراض تملكها أمانة المدينة المنورة أو مؤسسة “نماء المنورة” خاصة برواد الأعمال وبأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة, وبأسعار رمزية خاصة في السنوات الثلاث الأولى. جامعة طيبة من الممكن أن تخدم في هذا المجال أيضاً من خلال تقديم أو تجهيز بعض المواقع التي تملكها وليست في حاجتها في الوقت الحاضر وجعلها خاصة بأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة (حتى لو كانت خاصة بخريجي وطلاب الجامعة).
من الحلول المطروحة أيضاً, هو إزالة علامات حد المدينة المنورة والتي ساهمت في مضاعفة الأسعار داخل الحد بشكل كبير. هذه العلامات –وإن عرّفت الناس بحد الحرم- إلا أنها سببت زيادة في الطلب, والذي أدى لزيادة في الأسعار بشكل مبالغ.
لاشك أن مبادرات الأمير فيصل بن سلمان هي البداية لحقبة جديدة لشباب وسيدات الأعمال في المدينة المنورة. لكن التحدي الحقيقي أمام الأمير الشاب وفريق العمل معه هو أسعار العقارات التي تأثرت بعوامل خاصة بوضع المدينة, وأجزم أن الأمير قادر على التدخل ومعالجة الوضع لمصلحة أهل المدينة عامة وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة خاصة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734