3666 144 055
[email protected]
أعاد المرسوم الملكي تأطير القرار المؤسساتي الاقتصادي والتنموي تحت مظلة “مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ” تحت قيادة الامير المتأهب صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان وعضوية 21 وزيرا.
الاطار الجديد أتى على خلفية الغاء المجلس الاقتصادي الاعلى ومجلس الامن القومي والذي كان يناط به مهام اقتصادية نظريا عل الاقل.
المجلس الاقتصادي الاعلى رفع الآمال ولكن التجربة أثبتت قصور واضح لأسباب كثيرة بعضها بسبب داخلي في عملية صنع القرار الذي يخلط بين التنفيذي والاستشاري وبعضها موضوعي بسبب المرجعية المالية لطبيعة القرار على حساب الاقتصادية . لذلك أتى تبسيط المرجعية كخطوة أولية جيدة. كما يلاحظ الدور القيادي للأمير النشط القوي محمد بن سلمان والدور الحيوي للجنة العامة تحت ادارة المجرب مساعد العيبان حيث ان للجنة دور مركزي في التنسيق مع نقاط التماس مع مجلس الشؤون الامنية والسياسية (بسبب العلاقة العضوية بين السياسة والاقتصاد وخاصة في الاقتصاديات الريعية) من ناحية وكذلك للدور الفاعل للجنة في حيثيات الأجندات والأولويات .
هناك عدة ملاحظات حول الإطار الجديد لابد من إعطاءها الأهمية باكرا قبل ان نفقد زمام المبادرة . الاولى ان المجلس أتى ليخدم الاقتصاد والتنمية ولذلك اصبح العدد كبيرا ولا يختلف كثيرا عن مجلس الوزراء (اذا أخذنا في الاعتبار استحضار الحالة المالية في مجلس الشؤون الأمنية والسياسية).
الدمج بين المستفيد (الخدمي) والقيادي (الفاعل) يجعل من المجلس موقع للمساومات المالية لتلبية خيارات واحتياجات أحيانا متناقضة (المصروفات والاستثمار) وبالتالي لا يفرق بين المالي والاقتصادي من ناحية تخطيطية ولا يختلف كثيرا عن مجلس الوزراء في طبيعة سعة وحجم المسؤوليات من ناحية اخرى.
الملاحظة الثانية اننا لازلنا نخلط بين الدور التنفيذي للأجهزة الحكومية المعنية بالقرار الاقتصادي وبين “استقلالية” القرار الاقتصادي – فالقرار الاقتصادي ينبع من مطبخ القيادة لتنفيذه بينما اغلب الوزارات ذات مسؤولية تنفيذية .
الملاحظة الثالثة والمنبثقة عن الثانية انه لا يوجد جهة استشارية اقتصادية تحت مظلة رئيس مجلس الوزراء او الديوان الملكي لكي تبلور أفكار وخيارات وسياسات اقتصادية يستطيع بها متابعة القرار الاقتصادي الفاعل اولا والمالي ثانويا .
الملاحظة الاخيرة أنه قد يكون الوقت مناسب لإحداث تغيير في القيادة المالية والاقتصادية يتماشى مع التوجهات الجديدة إذ أن مطالبة السابق بممارسات جديدة دائما صعب .
الغاء هياكل أثبتت عدم فاعلية خطوة في الاتجاه الصحيح ولكنها غير كافية بما يتماشى مع استحقاقات المرحلة من تعقيد والرغبة القيادية الصريحة في تطوير وتحديث المملكة.
لعل تسارع الخطوات والانشغال بما هو اهم مرحليا خطف الأنظار وليس لدي معلومات فيماذا هناك قرارات اخرى ولذلك علينا عدم التسرع . ولكن هناك حاجة ماسة للمسارعة في تأطير جديد لا يسمح لأحد بالخلط بين المالي والاقتصادي وبين الاستثماري والمصروفات الثابتة وبين السياسي والاقتصادي وبين توفير المال (من خلال المواءمة بين اسعار النفط والميزانية والرصيد) وبين الاستحقاقات الاقتصادية مثل الإنتاجية ودور المواطن في القطاع الخاص وتغيير البيئة الاقتصادية تدريجيا وتراكميا .
ليس من مهرب من التعامل مع الدعم والأراضي والتوازن بين الاستهلاك والاستثمار مهما كانت الآلية والإطار . فتصرف الفعاليات الاقتصادية (الشركات والأجهزة الحكومية والإفراد) مرتبط بالنماذج والسياسيات العامة .
ليس هناك حلول مثالية وليس هناك الية مناسبة لكل زمان ومرحلة اقتصادية ولكن في نظري الآلية المعلنة اليوم خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح. الامل أن يتبعها خطوات اكثر عملية جوهرها الفصل بين الاقتصادي والمالي من ناحية وفصل آخر بين التخطيطي والتنفيذي .
الفواز
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734