3666 144 055
[email protected]
محلل مالي في شركة استشارات مالية عالمية
مع إصدار وزارة المالية السعودية لأول سندات تنمية حكومية بقيمة ( 20 ) مليار ريال منذ الإصدار المتواضع عام٢٠٠٧م وتأكيدها أن هذا الطرح يعد جزء من سلسلة سندات سيتم طرحها على التوالي خلال الأشعر القادمة لتغطية وتمويل العجز المتوقع في الميزانية لهذا العام والذي يتوقع أن يحقق رقماً قياسياً نظراً للظروف الاقتصادية والجيوسياسية التي تمر بها المملكة والمنطقة، وللتوضيح لغير المختصين فالسندات هي عبارة عن أدوات دين تصدرها الحكومات والشركات عادةً لتمويل احتياجاتها المالية كبديل للقروض التقليدية.
فبشكل مبسط مثلاً تصدر الحكومة سند دين بقيمة ١ مليار ريال بعائد متفق عليه مثلاً فائدة ٢٪ ثابتة ولأجل متفق عليه مثلاً ٥ سنوات (تختلف الفائدة بحسب الملاءة المالية/والتصنيف الائتماني للحكومة أو المؤسسة فكلما زاد الخطر زادت الفائدة والعكس كذلك), بحيث تقترض الحكومة من بنك أو مستثمر أو مؤسسة مالية مليار ريال وتدفع له الفائدة المتفق عليها (٢٪) كل عام وفي نهاية العام الخامس تسدد المليار ريال (قيمة السند) بالإضافة لفائدة الـ٢٪للعام الخامس. وللسندات أنواع عديدة وآجال وخصائص لا يتسع المقال لذكرها ويقابل السندات التقليدية الصكوك وهي السندات الإسلامية ولها أيضا أنواعها وخصائصها المختلفة.
إن إصدار السندات الحكومية تأتي في وقت تواجه فيه السعودية ضغوطات مالية مع انخفاض أسعار البترول المستمر ورغم وجود فوائض مالية متراكمة منذ السنوات السابقة في مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) والتي أظهرت في أخر تقرير لها تراجع صافي الاحتياطيات الأجنبية للسعودية إلى نحو 2.5 تريليون ريال خلال يونيو الماضي. وهذا التراجع متوقع وطبيعي في ظل السحب من الاحتياطي العام خلال الأشهر الماضية، وبنظرة اقتصادية فإن إصدار وزارة المالية للسندات الحكومية يعتبر أمراً طبيعياً وصحياً ومن ناحية مالية فهو يعد خيار أفضل من السحب المباشر من الاحتياطي العام في ظل انخفاض الفائدة والتصنيف العالي للملاءة المالية للمملكة وتعتبر هذه خطوة لتعزيز وإثراء سوق السندات في المملكة وأداة لسحب السيولة العالية في البنوك السعودية، وكذلك أداة للحد من الضغوط التضخمية في الاقتصاد السعودي.
الفوائد بشكل عام أكبر بكثير من السلبيات في ظل ظروف المملكة المالية الممتازة حيث يبلغ الدين العام نسبة هي الأقل عالمياً حيث بلغ بنهاية العام الماضي ٢٠١٤م ما يعادل 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي ولك أن تتخيل أن متوسط نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي عالمياً هي بحدود الـ٦٤٪ وبالمقارنة فإن المملكة بإمكانها إصدار سندات قد تتجاوز التريليون ريال سعودي حتى تصل للمتوسط العالمي.
إن تعاطي الاقتصاد السعودي وسوق الأسهم والمواطن السعودي مع هذا التوجه يجب أن يكون أكثر أريحية وثقة ولا يجب أن يهرع البعض للهلع واتخاذ قرارات سلبية بمجرد لجوء الحكومة لاستعمال أحد الأدوات المتاحة لتمويل نفقاتها واستثماراتها وإنفاقها بالبلاد. وكذلك يجب أن يتم تخصيص هذه السندات التنموية لخدمة تنفيذ مشاريع ذات عوائد اقتصادية/اجتماعية كمشاريع القطارات والمطارات وخطوط النقل الرئيسية وغيرها.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734