3666 144 055
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
@ahmad_khatib
عند ولادة الطفل ستيف “صطيف” الجندلي، رفض أهل والدته رفضا قاطعا تزويجها لشخص عربي الهوية، فاضطر “أبو صطيف” لإرسال الطفل إلى أهله في بلده الأم ليقوموا بتربيته ريثما ينتهي الأب من دراساته.
ترعرع “صطيف” بين أقرانه ولكنه كان مختلفا عنهم من حيث اهتماماته الأخرى غير الدراسية. اهتم دائما بالبحث عن التطورات التكنولوجية والتعرف إليها عن كثب وتطوير معرفته بها. عرضته لتك الاهتمامات لتوبيخ وتقريع مستمرين من قبل القائمين على تربيته بسبب إهماله لدروسه وانشغاله عنها بأمور “تافهة” لا تجدي نفعا.
بالكاد أنهى الشاب “صطيف” دراسته وتوجب عليه البدء بالبحث عن جامعة تقبل به لدراسة الطب أو الهندسة تمهيدا لنيل مكانة مرموقة في المجتمع. حاول التملص والهروب من دخول الجامعة لكي ينكب على تنمية مهاراته التي اكتسبها من متابعته للتكنولوجيا، ولكن دون جدوى. فيكف لإبن بروفيسور وأستاذ جامعي في الولايات المتحدة أن لا يكون خريجا جامعيا!
تم تأمين قبول جامعي له بالواسطة وانخرط على مضض في الفصول الدراسية، ولكنه لم ييأس، وواصل زيادة اضطلاعاته على التطورات التكنولوجية حتى وجد فرصة للعمل بعد الظهر لدى إحدى الشركات التي تنتج الألعاب الالكترونية. شركة ألعاب؟! ياللفضيحة!!
بعد تفكير طويل، قرر الشاب الهجرة إلى الغرب بحثا عن تحقيق طموحاته. لكنه وُوجه برفض تام وطُلب منه أن يقلع نهائيا عن الحركات الصبيانية التي ستؤدي به دون شك إلى مستقبل بائس إن هو لم يركز في دروسه لإكمال دراسته الجامعية.
بالرغم من الأجواء التي عاشها و الضغوط التي تعرض لها، فإنه قد تمكن من إنجاز بعض الاختراعات الصغيرة من خلال الوقت الذي كان يمضيه كل مساء في غرفة صغيرة على سطح المبنى الذي يسكنه. قرر بناء على ذلك القيام بمحاولة أخيرة لإنقاذ طموحاته وتحويلها إلى منتجات تجارية مربحة ومفيدة للمجتمع. اتصل ببعض رجال الأعمال واجتمع بهم لعرض أفكاره بهدف الحصول على بعض التمويل. كانت هذه الخطوة من أشد ما ندم عليه فيما بعد، حيث أنه تعرض لشتى أنواع السخرية والاستهزاء و “نُصح” من جديد بالانتهاء من دراسته ليتمكن من الحصول على وظيفة تؤمن له عيشا كريما، وله الحرية بعد ذلك بالتفكير مرة أخرى بأي اختراعات.
أُسقط في يد الشاب، وتوصل إلى قناعة بأنه يدور في حلقة مفرغة ولا بد أنه على خطأ، فلا يمكن أن يكون هو الوحيد على صواب وجميع من حوله مخطئين. تخلص من جميع أدواته الموجودة في غرفته الصغيرة، وبعد سنتين أنهى دراسة المحاسبة (فهو لم يتمكن من الحصول على درجات كافية لدخول كليات الطب أو الهندسة) ومن ثم حصل على وظيفة في شركة خاصة. تزوج الشاب بعد ذلك وحرص على تربية أولاده تربية تشدد على التحصيل العلمي، فهو لا يريدهم أن يكرروا الأخطاء التي وقع بها سابقا بسبب اهتماماته “الخاطئة”.
ما سبق رواية خيالية لمصير ستيف جوبز، مؤسس شركة “ابل” ومخترع المنتجات التي غيرت العالم، فيما لو نشأ في العالم العربي. الحقيقة أنه فعلا من أب سوري من حمص(عبد الفتاح الجندلي)، ولكن تم تبنيه فور ولادته من قبل العائلة التي حمل اسمها وكان مصيره مختلفا، بل كان له شخصيا بصمات تاريخية أثرت في مجرى التاريخ التكنولوجي.
ترى كم ستيف جوبز بيننا كان يمكن لهم وضع بصمات تاريخية لو تواجدوا في بيئة تشجع على الإبداع وتُسهل تحقيقه؟
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734