الجمعة, 2 أغسطس 2024

الأزمات التي شكلت الاقتصاد الأمريكي الحالي

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

عندما يتساءل الناس :ما هو أعظم اختراع للبشرية؟ أول ما يتبادر إلى الأذهان هو التقنيات المألوفة مثل الطباعة أو الكهرباء لكن من غير المرجح أن يقول أحدهم أعظم اختراع هو:العقد المالي!فغالبا ما ينظرون إلى المال على أنه دنس ،رغم أنه يلعب دورا لا غنى عنه في التنمية البشرية . يمكن أن يكون التمويل المالي بمثابة آلة الزمن الاقتصادية التي تساعد المدخرين على نقل الدخل الفائض اليوم إلى المستقبل، أو إعطاء المقترضين فرصة الوصول إلى الأرباح المستقبلية.

ويمكن أن يكون أيضا بمثابة صمام أمان ضد الفيضانات والحرائق أو المرض.لكن عندما تنفجر الفقاعات وتتحطم الأسواق فإن جميع الخطط المستقبلية تصبح بلا جدوى وعديمة الفائدة كما حدث في أزمة 2008 وما خلفت ورائها من بطالة وديون.

اقرأ المزيد

تحدثت صحيفة الإيكونوميست عن تاريخ الأزمات المالية التي شكلت الوضع المالي الحديث ، فالتاريخ هو مكان جيد للإجابة عن تساؤلاتنا .

حدثت خمسة انهيارات مدمرة أظهرت لنا جبابرة التمويل الحديثة، وهي بورصة نيويورك للأوراق المالية، المصرف الاحتياطي الفيدرالي، ومصارف بريطانيا العملاقة.

في الولايات المتحدة، في عام 1790، وبعد 14 عاما فقط من إعلان الاستقلال، كان هناك خمسة مصارف والقليل من شركات التأمين، فأراد ألكسندر هاملتون، أول وزير للخزانة، تأسيس فن مالي للدولة كما هو الحال في هولندا وبريطانيا ، وهذا يعني أنه سوف يتم سحب الديون الاتحادية من سندات الولايات الفردية.

وبالتالي يتم تداول السندات الجديدة في الأسواق المفتوحة، مما يسمح للحكومة بالاقتراض بأسعار رخيصة. كما أن أميركا تحتاج إلى مصرف مركزي ،الذي أصبح فيما بعد المصرف الأول في الولايات المتحدة (BUS)، المملوك للقطاع العام.وكان هذا المصرف الجديد فرصة استثمارية مثيرة قيمة أسهمه 10 مليار دولار، 8 مليار دولار منها متاحة للجمهور .

في عام 1820 ، كانت بلدان أميركا اللاتينية المستقلة حديثا محل اهتمام المستثمرين خصوصا في بريطانيا التي كانت مزدهرة في ذلك الوقت، حيث بلغت قيمة الصادرات قوة معينة.وكانت ويلز مصدرا للمواد الخام، تصدر 3مليون طن من الفحم سنويا، وترسل الحديد الخام إلى جميع أنحاء العالم.في حين كانت مانشستر أول مدينة صناعية في العالم، فنما الإنتاج الصناعي بنسبة 34٪ بين عامي 1820 و 1825.

في عام 1857، كانت أميركا تعاني من عجز في الحساب الجاري 25 مليون دولار فقط مع بريطانيا ومستعمراتها وكذلك شركائها التجاريين الرئيسيين.فاشترى الأميركيون من السلع أكثر مما باعوا، مع شراء بريطانيا الأصول الأميركية لتوفير الأموال، تماما كما تفعل الصين اليوم.

وبحلول منتصف 1850،حصلت بريطانيا على أسهم وسندات أميركية بقيمة 80 مليار دولار.وفي القرن 20 ،اتبعت كلا من أميركا وبريطانيا مناهج مصرفية مختلفة جدا.

وبدأت أسعار الأسهم و الأسعار في المحلات التجارية في التحرك في اتجاهين متعاكسين ،فازدهرت الأسواق عبر الاستثمار في أسهم شركات التقنية الجديدة ، وأجهزة الراديو ، والألمنيوم والطائرات لترتفع أسعار الأسهم حتى سبتمبر عام 1929، حيث وصل مؤشر داو جونز إلى مستوى 381 .

كما أن الأزمة الاقتصادية في عام 1929 أدت إلى نتائج هامة على صعيد الأسواق المالية ، فقد تم تنظيم السوق المالي في نيويورك من خلال القانون الصادر في 1933م الخاص بتنظيم السوق والقانون الصادر عام 1934م الخاص بإدارة السوق المالي حيث أسست هيئة الأوراق الماليةSecurities and Exchange Commission.

وفي عام 1930، بدأت موجة إفلاس المصارف في الولايات الزراعية مثل أركنساس، إلينوي وميسوري، ليبلغ عددها في تلك السنة 1350 مصرف.ثم بدأت الموجة الثانية في شيكاغو، وكليفلاند وفيلادلفيا في نيسان 1931. في عام 2008 كانت سيتي جروب ورويال بنك أوف سكوتلاند من أكبر المجموعات وبلغ أصولها مجتمعة ما يقرب من 6 تريليون دولار أي أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لأصغر 150 دولة في العالم. وقدر صندوق النقد الدولي مؤخرا أن أكبر المصارف في العالم استفادت من الدعم الحكومي الذي بلغ قيمته الإجمالية 630 مليار دولار خلال الفترة 2011-2012.

يقول الدكتور أحمد تقي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية ” مهما تكن الحلول المطروحة ومهما تكن المسميات، فإن خطة الإنقاذ المقترحة من الإدارة الأميركية لإنعاش الاقتصاد الأميركي لا تتعدى كونها خطة مالية لإنقاذ قطاع المصارف مع تدخل واضح لكثير من البنوك المركزية في العديد من بلدان العالم التي ضربتها الأزمة والتي تتجاوز قيمتها المالية نحو نصف تريليون دولار أي أن حلول الأزمة الحالية كانت حلولا دولية مشتركة بغض النظر عن الحلول الأميركية، وبالرغم من قناعتنا أن هذه الخطة سوف تحقق الهدف المطلوب الذي يتجسد في الخروج من حالة الاختناق والحصار الذاتي والارتباك المالي للاقتصاد الأميركي، إلا أن الأزمة الحالية تعطي دلائل ومؤشرات أكيدة بأنها لن تكون الأخيرة، وأن الاقتصاد الأميركي سوف تعصف به أزمات قادمة ربما تصبح حينها ” المهدئات” المستخدمة غير ذات جدوى في مواجهة “العلل والأمراض” التي ستصبح حلولها مستعصية بسبب المعايشة التي تحصل بين الفيروس المسبب والمضادات الحيوية”.

ذات صلة

المزيد