3666 144 055
[email protected]
AbdullahHabter@
نشرت صحيفة مال في 21 فبراير 2016 تقريرا يتضمن حجم القروض المطلوبة على الشركات المدرجة في سوق الأسهم، وقد ذكرت الصحيفة أن حجم هذه القروض ما يقارب نصف تريليون ريال بنهاية 2015. وصنفت هذه القروض حسب مدة الاستحقاق إلى قروض طويلة الأجل بلغت 344 مليار، وقروض قصيرة الأجل بلغت 90 مليار ريال. كما اشتمل التقرير على صكوك بقيمة 56 مليار ريال.
ومن دون شك أن “مال” قامت بجهد ليس باليسير، قدمت من خلاله بيانات على طبق من ذهب، ذات أهمية كبرى للمتخصصين، والمستثمرين، يعطي صورة أكثر وضوحا حول الأداء المتوقع لبعض الشركات والقطاعات مستقبلا، ومقارنة مصدر وحجم الأرباح التي حققتها الشركة وعلاقة تلك القروض بالنشاط الرئيسي للشركة ومدى تأثير ذلك على ربحية وتوزيعات السهم، وأداءه مستقبلا.
الكل يدرك التأثير الذي يحدثه النمو في الاقتصاد على القطاعات الأخرى، إلا أن المتخصصين في الاقتصاد يدركون أكثر حجم التفاعل بين مكونات الطلب الكلي (الاستهلاك – الاستثمار –الإنفاق الحكومي – صافي الصادرات)، والتأثير المشترك بينهما، فالإنفاق الاستهلاكي والحكومي، يلعبان دورا مهما في نمو القطاع الخاص، إلا أن الإنفاق الحكومي في اقتصاد كالسعودية يعتبر المحرك الرئيسي للاقتصاد، فخلال السنوات الماضية حقق الاقتصاد السعودي معدلات نمو جيدة نتيجة لارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الانفاق الحكومي.
وأنعكس ذلك النمو على دخول الأفراد من خلال زيادة مرتباتهم، مما زاد من حجم الانفاق الاستهلاكي في الاقتصاد، والذي كان له أثر كبيرا في نمو القطاع الخاص، وزاد من فرص الشركات في التوسع والبحث عن أسواق جديده لمنتجاتها، مما زاد طلب القطاع الخاص على النقد لتمويل استثماراته ، إذ تشير بيانات مؤسسة النقد إلى أن القطاع الخاص حقق نمو بالأسعار الثابتة مقداره 29% في 2014 مقارنة بالعام 2010 ، والسؤال هل الشركات المقترضة قادرة على التأقلم مع الوضع الحالي والمستقبلي في حالة استمرت أسعار النفط في مستوياتها الدونية، واستمر العجز الحكومي نتيجة لذلك؟، ومدى قدرتها على خدمة ديونها؟.
تكمن الإجابة على هذا التساؤل في أمر مهم يتعلق بالنشاط الأساسي للشركة ومصدر التدفقات النقدية (Cash Flow) والتي تنقسم إلى تدفقات نقدية داخلة (Cash Inflow)، وتدفقات نقدية خارجة (Cash Outflow)، وهذه التدفقات تساعد على معرفة نقاط الضعف والقوة، وحجم الفارق بينهما يعزز من فرص الشركة في الحصول على القروض من عدمه، ويعطي صورة واضحة للمستثمرين والمقرضين عن مدى قدرة الشركة في توليد تدفقاتها النقدية مستقبلا، وانعكاسات ذلك على نموها وتوسعها في أنشطتها، وتُصنف التدفقات النقدية للشركة إلى:
1- التدفقات النقدية من الأنشطة التشغيلية (Cash flow from operating activities- CFO): وتنشأ هذه التدفقات من النشاط الرئيسي للشركة سواء كانت بيع سلع أو تقديم خدمات، وكلما كانت التدفقات النقدية الداخلة الناتجة من نشاط الشركة أكبر من التدفقات الخارجة الناتجة مثلا عن شراء المواد الخام أو رواتب العاملين دل ذلك أن الشركة تعمل بربحية.
2- التدفقات النقدية من الأنشطة الاستثمارية: (Cash flow from investing activities- CFI) وتنشأ هذه التدفقات من استثمارات الشركة في أصول عينية أو مالية وهذه عكس التدفقات النقدية التشغيلية، فكلما كانت التدفقات النقدية الخارجة أكبر من التدفقات الخارجة أعطى مؤشرا على سياسة الشركة في التوسع والنمو.
3- التدفقات النقدية من الأنشطة التمويلية (Cash flow from financing activities- CFF): وهذه تتعلق بحصول الشركة على تدفقات نقدية داخلة عن طريق التمويل سواء من خلال المالكين أو القروض، أو قيام الشركة بسداد ما عليها من قروض أو توزيعات أرباح المساهمين، وتمثل هذه تدفقات نقدية خارجة.
وتعتبر التدفقات النقدية التشغيلية أهم الأنواع الثلاثة المذكورة، كونها محددا رئيسا في ربحية الشركة، وهي تعكس قدرة الشركة في توليد النقد، وسداد الديون، والوفاء بالتزاماتها، وتوزيع الأرباح على المساهمين، وعاملا مهما في توسع ونمو الشركة مستقبلا.
والاقتصاد السعودي في هذه الفترة يمر بتحديات قد تنعكس سلبا على أداء القطاعات الأخرى ومنها القطاع الخاص أهمها هذه التحديات انخفاض أسعار النفط والذي يمثل 80% من إيرادات الدولة، وهذا الانخفاض سيقلص من الإنفاق الحكومي، الأمر الذي قد ينعكس على أداء الشركات وبالتالي قد يؤدي لانخفاض أرباحها نتيجة لانخفاض في مبيعاتها، واستقطاع جزء من إيراداتها في سداد ديونها، وأقرب مثال على ذلك شركة سابك والتي احتلت المركز الثاني من حيث قيمة القروض المستحقة، إذ انخفضت أرباحها إلى 18 مليار ريال مقارنة بـ 23 مليار في عام 2014، وبنسبة انخفاض مقدارها 20%. كما أن تأثير أسعار النفط أدى إلى قيام وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” بخفض تصنيفها لـ 11 شركة من بينها شركة الاتصالات، وسابك والكهرباء اللتين استحوذتا على 35% من هذه القروض، إضافة ل 8 بنوك.
وتعتبر الفترة المقبلة في حالة استمرار انخفاض أسعار النفط تحديا كبيرا للقطاع الخاص والشركات الكبرى نتيجة للانخفاض الكبير في الإنفاق الحكومي المحرك الرئيسي للاقتصاد، واحتمال التأثر السلبي لمبيعات الشركات خصوصا التي تحتل الصادرات نسبة كبيرة من إيراداتها، نتيجة لحالة الركود التي بدأت علاماتها على بعض الأسواق العالمية، مما سيقلص من حجم أرباحها نتيجة لخدمة ديونها، أو لارتفاع تكاليفها، وربما تلجأ بعض الشركات لإعادة هيكلة ديونها، فهل تكون تلك القروض سببا في جعل مؤشر تاسي يدخل مرحلة سبات بعد تلاعب النفط به.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734