الجمعة, 28 يونيو 2024

هل من فائدة لقسم الموارد البشرية؟

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

8

سوميت ميهروترا، أحد المديرين، لم يكن راضيا عن قسم الموارد البشرية، إذ يرى أن العاملين في هذا القسم ما هم إلا مجموعة من المتطفلين الذين يفرضون مجموعة من القواعد السخيفة التي تحدد من يستحق علاوة أو ترقية.

ولذا عندما طُلب من ميهروترا تكوين فريق دولي جديد لشركته، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وكان آنذاك نائب رئيس لشركة سيركور انترناشونال المختصة بتصنيع مواد البنية التحتية، وضع تصورا يقتصر فيه دور قسم الموارد البشرية على جمع الموظفين المحتملين.حسبما أوردته”بي بي سي”.

اقرأ المزيد

ويقول ميهروترا “كنت شديد الضيق بقسم الموارد البشرية. ومن منا لم يكن؟ اعتقد أن الكثير من المديرين يرون أن هذا القسم يعطل عملهم”.
ولكن عندما بدأ ميهروترا تعيين فريقه، والذي يضم أشخاصاً من البرازيل والصين وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، أثار قسم الموارد البشرية أسئلة لم تخطر على باله من قبل. من بينها كيف سيستطيع جعل الجميع يتحدثون؟ وما هي خطته لعرض أفكار فريقه على الإدارة العليا؟
وهنا أدرك ميهروترا أنها كانت “أسئلة جيدة لم آخذها بعين الاعتبار. وبدأت أنظر إلى العاملين في قسم الموارد البشرية على أنهم أناس موضوعيون، وغير منحازين، يبرزون معايير إنسانية لم أضعها في الحسبان”.
تصور سلبي
الكثير من المديرين الشباب لديهم تصور سلبي عن قسم الموارد البشرية. لكن خبراء الإدارة يقولون إن الاعتماد على مهارات هذا القسم أمر أساسي ليبرع المديرون في عملهم. والاستغلال الكامل لإمكانيات هذا القسم يساعد في سير العمل بصورة أكثر فعالية مع الأقسام الأخرى، أو الإتيان بشخص له مفهوم أو منظور آخر.

لكن ثمة مشكلة بخصوص الانطباع السائد عن قسم الموارد البشرية، إذ أصبح اسمه مقرونا بفكرة السياسات غير اللازمة التي تعرقل نمو الشركات.
إليزابيث جورج، أستاذة الأعمال والإدارة في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، تعترض على الرؤية السائدة للموارد البشرية. وفي بداية كل فصل دراسي تطلب إليزابيث من طلاب الدراسات العليا أن يرفعوا أيديهم إن كانت لديهم وجة نظر إيجابية عن الموارد البشرية. “وأكون محظوظة لو رفع طالب واحد يده. لدي طلاب من جميع أنحاء العالم، وجميعهم لديهم النظرة السلبية ذاتها”.

وعادة ما يحاول المدراء الشباب استبعاد قسم الموارد البشرية قدر الإمكان، وهذا خطأ كبير – بحسب اليزابيث – لأن بمقدور القسم توفير رؤى مهمة قد يغفلها المديرون. مثلا، يستفيد المديرون الذين يعملون على مشروع تشترك فيه أقسام مختلفة من التعاون مع قسم الموارد البشرية، لأنه بطبيعة الحال يتعامل مع جميع أقسام الشركة، ويمكنه أن يوفر نصائح عملية.

وتقول اليزابيث “إن الأمر يتعلق ببناء صلات مع هذا القسم. وإذا استعنت كمدير بقسم الموارد البشرية للحصول على أفكار، فسترى قيمته الحقيقية كعون لك، وليس كمعرقل”.

وكرئيس لقسم الموارد البشرية بشركة دعم المستهلك “آي كور”، لمس مايسون أرغيروبولوس هذه النظرة السلبية عن قرب. وقد رأى مديرين يشركون قسم الموارد البشرية ويطلبون أفكاراً، ورأى آخرين يتجاهلونه وبالتالي يعانون.

ويقول أرغيروبولوس “يسود مفهوم عن قسم الموارد البشرية بأن أفراده لا يفهمون سياسات الشركة، وأنهم عبء على مواردها”.

تعاني أقسام الموارد البشرية من ارتباطها بعدد من المفاهيم السلبية، مثل عدم فهم العاملين بها لأنشطة الشركات.

وفي الأيام الأولى لمكاتب “آي كور” في آسيا، حيث يوجد حاليا نحو ثلث موظفيها البالغ عددهم 30 ألفاً، جلبت الشركة بعض المديرين من مناطق أخرى للإشراف على مراكز الاتصال. وبعض المديرين الجدد لم يكن على دراية بقوانين العمل المحلية التي تتطلب إجراءات صارمة للغاية عند فصل موظف على سبيل المثال.
وكان يتعين على فريق أرغيروبولوس التأكد من إشراك المديرين لفريق الموارد البشرية مبكرا في أية مسألة تتعلق بالتوظيف، وذلك لتحسين التخطيط وفتح خطوط اتصالات.

إعادة هيكلة
ويقر أرغيروبولوس بأن أقسام الموارد تحتاج إلى عملية إصلاح. وكان قسم الموارد البشرية يعرف في السابق بشؤون العاملين، إلى أن أصبحت هذه التسمية مرادفا للروتين الحكومي.

والآن أصبحت تسمية الموارد البشرية تعاني من الإشكالية نفسها. ويتكهن أرغيروبولوس بأن هذا القسم سيتخذ اسما جديدا عما قريب.
وشركة غوغل، على سبيل المثال، تسميه قسم إدارة العنصر البشري، لتجنب النظرة السائدة المرتبطة باسم الموارد البشرية، ويروج للقسم على أنه “أبطال الثقافة المبهجة في غوغل”.

كذلك يمر مجال الموارد البشرية بتغيير في نوعية العاملين في هذا القسم، فبدلا من الاقتصار على تعيين المديريين أصحاب الخبرة والمؤهلات، تقدم الشركات الآن على المزج بين هذه النوعية وبين مديريين من خلفيات مختلفة. ويقول أرغيروبولوس إن هذا بدوره يخلق قسما متكاملا، ويزيد من اتساق القسم مع أهداف الشركة.

وتابع أرغيروبولوس “ستشهد الأعوام القليلة القادمة حراكا تقدميا بخصوص تعامل الشركات مع الموارد البشرية”.

وحتى ذلك الحين، سيتعين على المديرين التأقلم مع أقسام الموارد البشرية التي تعرقل العمل، أكثر من المعاونة فيه، بحسب اليزابيث. وغالباً ما يملك رؤساء هذه الأقسام سلطة في هيكلة الشركات. والمديرون الذين يتفهمون ذلك لديهم فرص أفضل لإحراز تقدم، “فإذا صنعت شراكة مع الموارد البشرية بدلا من معاداتهم، سيكون بوسعك المضي قدما”.
وقد عمل ميهروترا مع النوعين السالف ذكرهما من العاملين في الموارد البشرية. وقد علمه أحد رؤساء الموارد البشرية السابقين قيمة ترك الموظفيين يخطئون كي يتعلموا من أخطائهم. كما بيّن له آخر أن المراجعات لاتتعلق بالاجتماعات السنوية، بل بالتفقدات الدورية.

كذلك تعلم ميهروترا، من واقع تشكيله لفريقه العالمي، فوائد إشراك قسم الموارد البشرية في أي خطة جديدة منذ بدايتها.

ويقول ميهروترا “أبحث عن شخص في قسم الموارد البشرية لديه مهارات إنسانية قوية، ويستطيع أن ينظر إلى مشروعاتنا ويضيف عنصراً بشرياً إليها. مما قد يجعل قسم الموارد البشرية طرفا جيداً ومحايدا”.
وإذا ما نظرت دوما إلى قسم الموارد البشرية كعائق، فستبدو الفكرة مخيفة. ولكن مع توجه أكثر ايجابية واستيعاباً، يتحول القسم إلى شريكك المفضل.

ذات صلة

المزيد