3666 144 055
[email protected]
متخصص في العلوم الإستراتيجية
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
Dhefiri_F@
في هذا المقال لن أتحدث عن الرؤية السعودية للعام 2030, ولن أبالغ بالتفاؤل بالصندوق المزمع إطلاقة قريباً والذي سوف يكون جسر العبور إلى العالم الجديد كما يخطط له . ولكنني سوف أذكر قصة ربما تفيد في المقارنة لما نحن مقدمون عليه .
قبل أكثر من عشرون عاماً , أنشأت شركة ادارة رأس المال طويل الاجل أو كما تكتب بالإنجليزية Long-Term Capital Management , صندوق تحوط واستثمارات كبير ضخم . واستثمارات متنوعة ومتعددة في كل القطاعات .
يدير هذا الصندوق إثنان ممن يحملون جوائز نوبل في الاقتصاد, هما روبرت ميرتوم ومايرون سكولز , وفريق من حملة الدكتوراة في الاقتصاد والرياضيات . ولك عزيزي القارئ أن تطلق العنان لتفكيرك وخيالك عن نسبة نجاح هذا الصندوق !!
بدأ الصندوق بالعمل في العام 1994 , وحقق أرباحاً مغرية جداً , وبدأ بالنمو المتسارع والصعود في جميع المؤشرات العالمية . وفي أول سنتين ربحت شركة LTCM نحو 1.6 مليار دولار. ومن ثم إلى مزيد من الإرتفاعات.
في بداية العام 1998 كانت الشركة تمتلك 4.72 مليار دولار كحقوق مساهمين وأقترضت ما يقارب 125 مليار دولار مع أصول تقدر بحوالي 129 مليار دولار.
أرقام كبيرة جدا في عالم المال, وأرباح مغرية وخطورة أقل , وبإدارة علماء اقتصاد ورياضات حصلوا على جائزة نوبل . لكن هذا كله لم يمنعهم من السقوط المرير , والانهيار الذي أصاب الاسواق بصدمة . فكما يسميها نسيم طالب بالبجعة السوداء , أي الأحداث غير المتوقعه .
فإنهيار أسواق النمور الآسيوية وتعذر روسيا عن سداد الدين العام, شكل ضربة قوية لهذا الصندوق أسقطه بسرعة , ولم تفلح محاولات البنك المركزي الأمريكي من الانقاذ , وفي العام 2000 ميلادية تمت التصفية وأنتهى الحلم.
أن العالم يزداد تشابكاً وتعقيداً كل يوم , فتلك الازمة كانت قبل نحو عشرون عاماً, ويمكن لنا تخيل حجم التشابك والتداخل في الاقتصاديات العالمية في الوقت الحاضر, وأزمة الدول الاوروبية لا تزال جاثمة على اقتصاد أوروبا, والتي تنبئ بإنهيار إتحاد اليورو بسبب أحداث أزمة الرهن العقاري 2008.
لا يعني هذا المقال هو التشاؤم , ولكنه معني بالحذر, فلا يمكن لصندوق تحوط لوحده أن يصنع حلم كبير, بل الحلم تصنعه أدوات كثيرة , من أهمها: صناعة محلية بموارد بشرية محلية , ومن ثم يكون الصندوق مساعداً في التنمية وليس عمود أساس فيها.
نحاول اليوم جاهدين لصنع مستقبل جديد للمملكة العربية السعودية في ظل أوضاع سياسية مضطربة في المنطقه بأكملها , وتباطؤ اقتصادي عالمي يخيم على الجميع فهل سننجح في ذلك ؟!
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734