الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ahmedallshehri@
لا شك أن أول سؤال منطقي يواجهنا، ماهو الصندوق السيادي؟
صندوق استثماري للدولة يستقبل الفورات النقدية من بيع البترول أو السلع أو المعادن، يتم إستثمارها في جهات متعددة داخل الدولة أو خارجها للحصول على عوائد استثمارية، وقد يتم استثمار ها من خلال البنك المركزي مباشرة كما هو معمول به لدينا في مؤسسة النقد السعودي، أو من خلال جهاز مستقل ومنفصل عن البنك المركزي، ولكل دولة سياستها.
فيما أتصور أن قرار تأسيس صندوق سيادي مستقل عن مؤسسة النقد ويُدار بشكل مؤسسي وخاضع للحوكمة وعمليات الإفصاح والشفافية أو إستمراره مرتبط بمؤسسة النقد كما معمول به حالياً؛ قرار يجب أن يدرس بشكل اقتصادي وسياسي معمق ودقيق مع تحديد هدف الصندوق و المنهج في إدارة الصندوق بما يضمن تحقيق أكبر قدر ممكن من العوائد على رأس المال المستثمر في الخارج، وأيضا في تنمية وتعديل هيكل الاقتصاد داخلياً، وتنويع مصادر الدخل مثل برنامج مبادلة الإماراتي التابع لصندوق ابو ظبي، هنالك مجموعة من الخيارات أرى العمل بها في حال إقرار صندوق سيادي سعودي وطني.
الخيار الأول: استمرار إدارة الفوائض النقدية للمملكة من خلال مؤسسة النقد كما هو معمول به حالياً مع عمل صناديق سيادية مشابهة لصندوق “سنابل” كمحافظ مستقلة، وتطبيق قواعد صارمة في إدارة التدفقات الداخلة والخارجة للصناديق، ويراقب أداءها السنوي مجلس الشورى، على أن تدار تلك الصناديق من خلال إدارات مستقلة وبأهداف استثمارية متنوعة عن بعضها من أجل تفتيت المخاطر، ولا أرى أن السعي بقوة نحو الفصل السريع خيار آمن، بل من الأفضل التدرج مع تقييم كل مرحلة بموضوعية ودقة.
الخيار الثاني: استنساخ تجربة الصندوق الإماراتي “جهاز ابوظبي للاستثمار(أديا)” المملوك لحكومة إمارة ابو ظبي، على أن يُدار الصندوق بشكل مستقل عن مؤسسة النقد، وجعل نطاق الاستثمار داخليا من خلال شركة استثمارات داخلية؛ لتنويع مصادر الدخل الوطني وزيادة الصادرات للخارج وتقليص الواردات، وخارجيا من خلال الاستثمار في الاسواق المالية وفي الاستثمارات المباشرة والاستحواذ على المشاريع الناجحة أو حتى الدخول في المشاريع التقنية الناشئة حول العالم أو الأصول العقارية وهذا الأمر متروك لمخيلة وخبرات ودراسات مسؤولي الاستثمار في الصندوق أو خلال بيوت الخبرة الاستثمارية، مع تطبيق معايير صارمة في إدارة التدفقات الداخلة والخارجة، وتطبيق أنظمة الحوكمة والمساءلة والشفافية وتقديم تقارير الإداء للمراقب الاقتصادي والرأي العام،و تمكين مجلس الشورى من الرقابة عليه.
السؤال ذو الأهمية القصوى، هل يجب أن نطور من إمكانيات وقدرات المؤسسات التي تدير الفوائض النقدية ؟ كما نعلم بان مصدر ثروتنا هو البترول وهو مصدر وحيد وناضب، وقد يواجة تذبذبات أو تطورات تقنية قد تجعل منه قصة ثراء في الماضي، كما أن العالم يبحث عن البدائل للطاقة، يجب أن يعي الوطن بأن ما نكسبه اليوم قد لا نستطيع أن نكسبه غدا؛ لأن العالم في سعي حثيث نحو البديل، فمن الواجب علينا أن نستثمر فوائضنا بمسؤولية ولا نكتفي بأسلوب أو أثنين في تنمية ثرواتنا الوطنية، ولهذا فأن التطور الطبيعي هو العمل على زيادة طرق ومصادر النمو الثروة الوطنية دون إهمال قضية تنويع مصادر الدخل المولده للنقد الإجنبي، مع تقديم الشروط والضمانات الحامية له من مطامع المتربصين.
حقا … ما أسهل صياغة الأفكار والأهداف التي تتحدث عن الاستثمار من خلال الصناديق السيادية، بيد أنه ماالصعب تحويل تلك الأهداف والأمنيات إلى واقع فعلي في ظل الوضع الاقتصادي العالمي، والطفرةالإبداعية في مجال التقنية، ونقص الكوادر القيادية في هذا المجال، والقيود العالمية على تقليص نسب التملك لهذه الصناديق العابرة للقارات في الشركات الوطنية المستقبلة للاستثمارات، وحساسية بعض القطاعات في تلك الدول، ختاما … وتستمر الكثير من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابة.
الشهري
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال