الخميس, 2 مايو 2024

“النقد الدولي”: اقتصاد المملكة يشهد تعافياً قوياً من حالة الركود الناجمة عن جائحة كورونا.. ومعدل النمو سيتجاوز 7% في عام 2022

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

قال صندوق النقد الدولي إن اقتصاد المملكة يشهد تعافياً قوياً من حالة الركود الناجمة عن جائحة كورونا (كوفيد-19). وقد ساهم الدعم المُقدم من خلال السيولة والمالية العامة الذي تجاوز أو ضاهى مستواه في الاقتصادات الصاعدة بمجموع العشرين، وزخم الإصلاحات في إطار رؤية 2030، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه في تعافي الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو قوية في ظل احتواء التضخم وصلابة القطاع المالي.

وأوضح الصندوق أن انحسار آثار الجائحة، وازدياد إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، وتزايد قوة الاقتصاد عوامل أدت إلى تحسن مركز المالية العامة والمركز الخارجي للمملكة، مُشيراً إلى أن معدل النمو الكلي اتسم بالقوة في عام 2021 حيث بلغ 3.2% مدفوعاً على وجه الخصوص بانتعاش القطاع غير النفطي – بدعم من ارتفاع معدلات توظيف القوى العاملة السعودية، وزيادة مشاركة المرأة على وجه الخصوص.

وبين الصندوق في تقريره أنه بفضل معدلات التطعيم المرتفعة، انحسر انتشار الموجة الأخيرة من سلالة أوميكرون المتحورة من فيروس (كوفيد- 19) سريعاً، مما سمح لحكومة المملكة برفع القيود عن الحركة المحلية والسفر الدولي. ولا تزال الندوب الاقتصادية محدودة، كما أدى ارتفاع معدلات مشاركة المواطنين في القوى العاملة إلى موازنة التحولات التي شهدتها سوق العمل نتيجة خروج العمالة الوافدة في ذروة موجة (كوفيد-19).

اقرأ المزيد

وتوقع الصندوق أن يسجل معدل النمو في المملكة ارتفاعاً ملحوظاً ليصل إلى 7.6% في عام 2022 على الرغم من تشديد السياسة النقدية والضبط المالي وتداعيات الحرب في أوكرانيا على اقتصاد المملكة التي لا تزال محدودة حتى الآن. وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو نتيجة جني ثمار العمل المتواصل على تنفيذ جدول أعمال الإصلاحات والاستراتيجية الوطنية للاستثمار ومشاريع صندوق الاستثمارات العامة.

جاءت توقعات الصندوق في ختام اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بخصوص مشاورات المادة الرابعة لعام 2022 مع المملكة والذي تضمن نقاطاً رئيسية حول التقييم السنوي للاقتصاد السعودي.

وأشار الصندوق في التقرير إلى أن التضخم في المملكة لا يزال تحت السيطرة، حيث بلغ متوسط التضخم 3.1% في عام 2021 مع تلاشي أثر فترة الأساس الناتج عن زيادة ضريبة القيمة المضافة في منتصف عام 2020، بالإضافة إلى الانعكاس المحدود لأسعار الأغذية والسلع الأولية في الأسواق العالمية على الأسعار المحلية والذي يُتوقع أن يساهم في احتواء التضخم عند مستوى 2.8% في عام 2022، وذلك بالرغم من بعض الضغوط التضخمية المتوقعة نتيجة تضخم أسعار الجملة الذي وصل إلى مستوى الرقمين وتزايد تكاليف الشحن.

وما يُفسر بقاء التضخم منخفضاً عند مستوى 2.2%، على أساس سنوي، في مايو 2022 هو محدودية انعكاس أسعار الأغذية والسلع الأولية في الأسواق العالمية على الأسعار المحلية، نظراً لدعم الأسعار إلى حد ما، وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، إلى جانب ثبات الإيجارات (التي تمثل حوالي 21% من سلة الرقم القياسي لأسعار المستهلك). ومع ذلك، يشير تضخم أسعار الجملة ثنائي الرقم وتصاعد أسعار السلع الأولية، واستمرار زيادة تكاليف الشحن/الخدمات اللوجستية إلى ارتفاع التضخم في الجزء الأخير من عام 2022.

وتوقع الصندوق ارتفاع التضخم الكلي إلى 4%، على أساس سنوي، في النصف الثاني من العام دون أن يتجاوز متوسطه 2.8%، بينما يظل مستوى التضخم الأساسي ثابتاً عند 2.4%. ومما يساعد في احتواء الضغوط الناجمة عن صدمات سلاسل الإمداد ارتفاع قيمة الدولار، والدعم والحدود القصوى المفروضة على أسعار بعض المنتجات (مثل بعض المنتجات الغذائية والمياه والكهرباء والبنزين)، وتراجع الإيجارات في ظل نمو العرض وزيادة ملكية المساكن، واستمرار الركود في سوق العمل.

وذكر التقرير أن عجز المالية العامة الكلي في المملكة تراجع بحوالي 9 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي ليصل إلى 2.3% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021، وهو ما يعكس أساساً الإيرادات النفطية وإيرادات الضرائب غير النفطية بدعم من اقتصاد المملكة الذي يواصل التعافي وأثر سنة كاملة من رفع ضريبة القيمة المضافة في منتصف عام 2020 إلى ثلاثة أضعاف قيمتها لتصل إلى 15%.

وتراجع مجموع المصروفات بسبب انخفاض المصروفات الرأسمالية، بينما ظلت المصروفات الجارية ثابتة. ولكن مقارنة بموازنة عام 2021، ارتفعت المصروفات الكلية بمقدار 1.5% من إجمالي الناتج المحلي تقريباً، وهو ما يعكس زيادة الإنفاق المرتبط بجائحة (كوفيد-19) عن المتوقع، ودعم أسعار النفط والغذاء المرتفعة (بما في ذلك تكلفة التخزين المسبق للقمح)، وزيادة وتيرة تنفيذ المشروعات الاستثمارية.

وأفاد التقرير أن ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه أدى إلى تحسن الحساب الجاري بمقدار 8.5 نقطة مئوية في عام 2021، مسجلاً فائضاً بنسبة 5.3% من إجمالي الناتج المحلي، حيث تجاوزت الصادرات القوية المدفوعة بالنفط الواردات المتنامية والتدفقات الخارجة الكبيرة من تحويلات العاملين.

ورغم زيادة الاحتياطيات، تراجع صافي الأصول الأجنبية، وإن ظل عند مستويات مطَمئنة للغاية بواقع 22 شهراً من الواردات في عام 2021، ويُتوقع أن يسجل ارتفاعاً ملحوظاً نتيجة تزايد عائدات تصدير النفط على المدى المتوسط.

وحول تأُثير الحرب في أوكرانيا وتداعيات ذلك على الاقتصاد، قال صندوق النقد الدولي في التقرير إن الحرب أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأولية مُجدداً، وإن كان من غير المتوقع أن يؤدي ذلك إلى إبطاء وتيرة الجهود التي تقوم بها المملكة لمواصلة تنويع أنشطتها الاقتصادية أو انعكاس مسارها. فزيادة أسعار النفط تنشأ عنها آثار إيجابية على المملكة، ولا سيما من خلال الإيرادات النفطية والتدفقات الرأسمالية، بينما لا تربطها بروسيا وأوكرانيا سوى روابط تجارية ومالية مباشرة محدودة، وانكشافات مباشرة ضئيلة من خلال استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في الأسهم وغيرها من الأنشطة الاستراتيجية، دون وجود أي روابط مباشرة تقريبا مع القطاع المالي.

وتابع أنه في ظل ارتفاع أسعار النفط التي تتجاوز كثيراً التوقعات السابقة على المدى المتوسط، فإن تنفيذ سياسات تهدف إلى فتح الاقتصاد وتنويعه وفق “رؤية 2030” – بدعم من استراتيجية الاستثمار الوطنية – سيساعد على تجنب مسايرة الاتجاهات الدورية التي اقترنت بدورات الانتعاش والركود السابقة المرتبطة بالنفط. كذلك يعكس تنفيذ أحدث التوصيات الصادرة في إطار مشاورات المادة الرابعة هذه الجهود – التي استفادت أيضاً من المساعدة الفنية المقدمة من الصندوق.

وبينما سيؤثر ارتفاع أسعار الغذاء الدولية على الاقتصاد، يمكن التخفيف من حدة هذا التأثير في ظل محدودية انعكاس الأسعار الدولية على معدلات التضخم المحلية وتدني حجم الواردات من أوكرانيا وروسيا. وعلى المدى المتوسط، من المتوقع تسارع وتيرة النمو مع جني ثمار الاستمرار في تنفيذ جدول أعمال الإصلاحات والاستراتيجية الوطنية للاستثمار، بدعم من تدخلات صندوق الاستثمارات العامة.

ومن المتوقع، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي، أن يسجل المركز الخارجي تحسناً كبيراً، نظراً لأن صادرات النفط يفوق تأثيرها ارتفاع الواردات، ويُتوقع بالتالي زيادة فائض الحساب الجاري بثلاثة أضعاف ليصل إلى حوالي 17.2% من إجمالي الناتج المحلي عام 2022 – وهو مستوى لم يسبق تحقيقه منذ عام 2012 عندما تجاوزت أسعار النفط 100 دولار للبرميل. ويُتوقع استمرار الفائض على المدى المتوسط رغم تراجعه تدريجياً.

كذلك يُتوقع زيادة صافي الأصول الأجنبية بنسبة 22% عام 2022 بحيث يغطي 25.3 شهر من الواردات، وهو ما يُعادل 52% من إجمالي الناتج المحلي، مع استقرار الاحتياطيات الوقائية في نهاية المطاف عند مستوى 27 شهراً من الواردات تقريباً على المدى المتوسط.

وقال الصندوق إن الآفاق الاقتصادية تُحيط بها احتمالات متوازنة. فعلى الصعيد الإيجابي، يمكن أن يؤدي التنفيذ الكامل للاستراتيجية الوطنية للاستثمار والإصلاحات المقررة في إطار “رؤية السعودية 2030” إلى ارتفاع النمو غير النفطي بمقدار 3 نقاط مئوية إضافية (ليتجاوز 8% على المدى المتوسط).

وعلى الصعيد السلبي، تنشأ عدة مخاطر رئيسية نتيجة الضغوط لإنفاق عائدات النفط الاستثنائية والانحراف عن المسار المحدد في جدول أعمال الإصلاحات، أو الضغوط التضخمية، أو احتمالية ظهور موجة جديدة من فيروس (كوفيد-19) – محلياً أو خارجياً – أو انخفاض أسعار النفط بسبب تراجع النشاط العالمي، أو حدوث تباطؤ اقتصادي في الصين.

ذات صلة

المزيد